للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

﴿واسترهبوهم﴾ أي: أدخلوا الرهبة والخوف في قلوبهم، ﴿وجاءوا بسحر عظيم﴾ أي: تخييل عظيم كبير من التخييل والخداع. قال ابن عباس: «القوا حبالا غلاظاً طوالا وخشبا طوالا، فأقبلت يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى» (١).

وقال ابن إسحاق: «صف خمسة عشر ألف ساحر، مع كل ساحر حباله وعصيه، وخرج موسى معه أخوه يتكئ على عصاه، حتى أتى الجمع وفرعون في مجلسه، مع أشراف مملكته، ثم قالت السحرة: ﴿يا موسى إما أن تلقي وإما أن نكون أول من ألقى. قال بل ألقوا فإذا حبالهم وعصيهم يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى﴾ [سورة طه: ٦٥، ٦٦]، فكان أول ما اختطفوا بسحرهم بصر موسى وبصر فرعون، ثم أبصار الناس بعد، ثم ألقى كل رجل منهم ما في يده من العصي والحبال، فإذا هي حيات كأمثال الجبال قد ملأت الوادي، يركب بعضها بعضاً، ﴿فأوجس في نفسه خيفة موسى﴾ [سورة طه: ٦٧]، وقال: والله إن كانت لعصيا في أيديهم، ولقد عادت حيات، وما تعدو عصاي هذه … أو كما حدث في نفسه» (٢).

قال تعالى: ﴿وأوحينا إلى موسى أن ألق عصاك فإذا هي تلقف ما يأفكون﴾، يخبر تعالى أنه أوحى إلى عبده ورسوله موسى في ذلك الموقف العظيم الذي فرق الله فيه بين الحق والباطل، يأمره بأن يلقي ما في يمينه، وهي عصاه، فألقاها فإذا هي تلقم وتبتلع ﴿ما يأفكون﴾، أي ما يلقونه، ويوهمون أنه حق، وهو باطل.

قال ابن عباس: فجعلت لا تمر بشيء من حبالهم وخشبهم إلا التقمته،


(١) انظر: تفسير الطبري (١٣/ ٢٨)، وتفسير ابن كثير (٣/ ٤٥٧).
(٢) أخرجه بإسناده الطبري في تفسيره (١٣/ ٢٨)، وأورده ابن كثير في تفسيره (٣/ ٤٥٧)، وهو من أخبار بني إسرائيل، لكنه من جنس ما تجوز حكايته، وإيراده والاستئناس به.

<<  <   >  >>