للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعندهم أن قوله هو المطاع، وأمره نافذ فيهم، ولا خروج لأحد عن قوله وحكمه.

﴿إن هذا﴾ أي: تصديقكم إياه وإيمانكم به، ﴿لمكر مكرتموه في المدينة﴾ يقول لخدعة خدعتم بها من في مدينتنا ومواطأة بينكم وبين موسى على أن تنغلبوا له فتتبعوه، ثم يتبعكم الناس فتخرجوا منها أهلها ﴿فسوف تعلمون﴾ ما أفعل بكم، وما أحل بكم من العقوبة، ثم فسر هذا الوعيد.

﴿لأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف ولأصلبنكم أجمعين﴾ يعني بقطع يد الرجل اليمنى ورجله اليسرى أو العكس، فيخالف بين العضوين في القطع،

﴿ولأصلبنكم أجمعين﴾ أي على جذوع النخل، كما في سورة طه آية [٧] ﴿في جذوع النخل﴾، قال ابن عباس، وكان أول من صلب، وأول من قطع الأيدي والأرجل من خلاف فرعون (١).

﴿قالوا إنا إلى ربنا منقلبون﴾، أي: راجعون إليه بالموت، ﴿وما تنقم منا﴾ وما تنكر منا، ولا تعيب علينا، ﴿إلا أن آمنا بآيات ربنا لما جاءتنا﴾، أي: بحججه وأدلته التي لا يقدر على مثلها أنت، ولا أحد سوى الله، ثم دعوا الله قائلين، ﴿ربنا أفرغ علينا صبراً وتوفنا مسلمين﴾ أي: أفض علينا صبراً، أي حبساً يحبسنا عن الكفر بك عند تعذيب فرعون لنا، ﴿وتوفنا مسلمين﴾ أي: اقبضنا إليك على الإسلام منقادين لأمرك متبعين لرسولك؛ قال ابن عباس، وعبيد بن عمير (٢)،


(١) انظر: تفسير الطبري (١٣/ ٣٤)، وتفسير ابن كثير (٣/ ٤٥٩).
(٢) هو عبيد بن عمير بن قتادة الليثي الجندعي، أبو عاصم المكي الواعظ المفسر، ولد في حياة النبي، قاله مسلم وعده غيره في كبار التابعين، وكان قاصّ أهل مكة، مجمع على ثقته، مات سنة أربع وسبعين، وقيل غير ذلك. انظر ترجمته في: طبقات ابن سعد (٥/ ٤٦٣)، وسير أعلام النبلاء (٤/ ١٥٦ - ١٥٧)، والتقريب ص (٦٥١).

<<  <   >  >>