للشيء كن فيكون، فعند ذلك وقعوا سجداً، وقالوا:«آمنا برب العالمين رب موسى وهارون»، ولهذا قال ابن عباس، وغيره: كانوا أول النهار سحرة، وفي آخر النهار شهداء بررة (١).
﴿قال آمنتم له﴾ أي: صدقتموه وأقررتم له ﴿قبل أن آذن لكم﴾ في ذلك، بل أفتتم عليّ، ولم تراجعوني وتأخذوا موافقتي، ثم قال قولا يعلم الجميع أنه بهت وكذب ﴿إنه لكبيركم الذي علمكم السحر﴾ أي: لعظيمكم ورئيسكم الذي علمكم السحر، واتفقتم معه عليَّ، ﴿فلأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف﴾ أي: مخالفا بينها، اليد اليمنى مع الرجل اليسرى، أو عكسها، ﴿ولأصلبنكم في جذوع النخل﴾ أي: على جذوع النخل، ﴿ولتعلمن أيّنا أشد عذاباً وأبقى﴾ وأدوم أنا أو موسى،
﴿قالوا لن نؤثرك﴾ نختارك ونتبعك ﴿على ما جاءنا من البينات﴾ الحجج والآيات الواضحات على حقيقة ما دعاهم إليه موسى، ﴿والذي فطرنا﴾ معطوف على ﴿ما جاءنا﴾ أي: لن نختارك على ما جاءنا به موسى من البينات والذي فطرنا. وقيل: هو قسم، أي: والله الذي فطرنا لا نؤثرك. ومعنى «فطرنا» أي: خلقنا، ﴿فاقض ما أنت قاض﴾ فاصنع ما أنت صانع، واعمل بنا ما بدا لك، ﴿إنما تقضي هذه الحياة الدنيا﴾ إنما سلطانك علينا، ونفوذ أمرك فينا في هذه الحياة الدنيا، ولا سبيل لك علينا فيما بعدها، ﴿إنا آمنا بربنا ليغفر لنا خطايانا﴾ التي سلفت منا من الكفر، والذنوب، ﴿وما أكرهتنا عليه من السحر﴾ أي: وليغفر لنا ما أكرهتنا عليه من عمل السحر الذي عارضنا به الحق، ﴿والله خير﴾ منك ثواباً لمن أطاعه ﴿وأبقى﴾ وأدوم عذاباً لمن عصاه. ﴿إنه من يأت ربه مجرماً﴾ أي: يلقى الله متلبساً بالكفر والمعاصي