للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قالوا آمنا برب العالمين. رب موسى وهارون. قال آمنتم له قبل أن آذن لكم إنه لكبيركم الذي علَّمكم السحر فلسوف تعلمون لأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف ولأصلبنكم أجمعين. قالوا لا ضير إنا إلى ربنا منقلبون. إنا نطمع أن يغفر لنا ربنا خطايانا أن كنا أول المؤمنين﴾ [سورة الشعراء: ٢٩ - ٥١].

التفسير:

يخبر جل وعلا أن فرعون لما دعاه موسى إلى الإيمان برب العالمين أبى، وأعرض، وكابر، بل وتهدد موسى قائلا: ﴿لئن اتخذت إلها غيري لأجعلنك من المسجونين﴾ أي: لأجعلنك من أهل السجن، ﴿قال﴾ موسى ﴿أو لو جئتك بشيء مبين﴾ أي: بحجة وبرهان قاطع واضح يبين لك صحة ما جئت به، ﴿قال﴾ فرعون ﴿فأت به إن كنت من الصادقين. فألقى عصاه فإذا هي ثعبان مبين﴾ حية ذكر، بين واضح (١)، ﴿ونزع يده﴾ وأخرج موسى يده من جيبه، ﴿فإذا هي بيضاء﴾ تلمع

﴿للناظرين﴾ لمن ينظر إليها ويراها، ﴿قال للملأ حوله﴾ يعني: لأشراف قومه وسادتهم الذين كانوا حوله ﴿إن هذا لساحر عليم﴾ أي: لساحر ذو علم ومعرفة بالسحر، بارع فيه، فروج عليهم فرعون أن هذا من قبيل السحر، لا من قبيل المعجزة، ثم هيجهم على مخالفته، والكفر به، فقال: ﴿يريد أن يخرجكم من أرضكم بسحره﴾ أي: من بلادكم، وهي مصر. خوفهم فرعون أن هذا قصده، ليجدوا ويجتهدوا في معاداة من يريد إجلاءهم عن أولادهم وديارهم. ﴿فماذا تأمرون﴾ ما رأيكم، وما مشورتكم فيما نصنع به. ﴿قالوا أرجه وأخاه﴾ أخر موسى وأخاه، وأنظرهما، وقيل: أحبسهما، ﴿وابعث في المدائن﴾ في الأقاليم، وأطراف الملك

﴿حاشرين﴾ هم الشرط، يقومون بجمع السحرة من كل مكان،


(١) سبق تفسيرها مبسوطا في سورة الأعراف ص (٧٥).

<<  <   >  >>