﴿يأتوك بكل ساحر عليم﴾ أي: بكل ساحر فائق في معرفة السحر وصنعته، ﴿فجمع السحرة لميقات يوم معلوم﴾ وهو يوم الزينة الذي ضربه موسى لفرعون وملائه (١)، ﴿وقيل للناس هل أنتم مجتمعون﴾ أي: نودي بعموم الناس بالاجتماع في ذلك اليوم المعلوم، وحثوا على ذلك، ﴿لعلنا نتبع السحرة إن كانوا هم الغالبين﴾، فيه دليل على خبث طوية القوم، وأن الرعية على دين ملكهم، حيث قالوا ذلك، ولم يقولوا نتبع الحق، سواء كان من السحرة، أو من موسى. ﴿فلما جاء السحرة﴾ إلى فرعون ﴿قالوا لفرعون أئن لنا لأجراً﴾ أي: لجزاء تجزينا به من مال أو جاه؟، ﴿قال نعم وإنكم إذا لمن المقربين﴾ أي: أخص مما تطلبون، أجعلكم من المقربين عندي وجلسائي. ﴿قال لهم موسى ألقوا ما أنتم ملقون﴾ في الكلام اختصار، يدل عليه قوله تعالى في سورة الأعراف، آية:[١١٥]: ﴿قالوا يا موسى إما أن تلقي وإما أن نكون نحن الملقين﴾، وفي سورة طه، آية:[٦٥]: ﴿قالوا يا موسى إما أن تلقي وإما أن نكون أول من ألقى﴾. فقد عرضوا عليه أيهم يبدأ بالإلقاء، فقال لهم: ﴿ألقوا ما أنتم ملقون﴾ أي: ألقوا ما في خواطركم إلقاؤه، ولم يقيدهم بشيء دون شيء، لجزمه ببطلان ما جاءوا به من معارضة الحق ﴿فألقوا حبالهم وعصيهم وقالوا بعزة فرعون﴾، أقسموا بعزة فرعون وشدة سلطانه ومنعة مملكته ﴿إنا لنحن الغالبون﴾ هذا جواب القسم، وقيل: المراد بقولهم: ﴿بعزة فرعون﴾ أي: نغلب بسبب عزة فرعون، والمراد بالعزة: العظمة، وقد ذكر الله في سورة الأعراف، آية:[١١٦] أنهم ﴿سحروا أعين الناس واسترهبوهم وجاءوا بسحر عظيم﴾، وفي سورة طه، آية [٦٦ - ٦٧]: ﴿فإذا حبالهم وعصيهم يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى. فأوجس في نفسه خيفة موسى قلنا لا تخف إنك أنت الأعلى. وألق ما في يمينك تلقف ما صنعوا إنما صنعوا كيد