للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قلت: فالكناية من أي قبيل، حقيقة هي، أم مجاز، أم لا حقيقة، ولا مجاز؟

قلت: الجمهور على أنها من الحقيقة، أي: قسم منها.

قال صاحب المفتاح - في آخر بحث الكناية -: "اللفظ إذا استعمل، فإما أن يراد معناه، وهو الحقيقة، أو يراد غير معناه، وهو المجاز، أو يراد معناه وغير معناه، وهو الكناية" (١).

وعلى هذا يكون اللفظ مستعملًا في كلّ من المعنيين، فيدخل في الحقيقة لصدق تعريف الحقيقة على الكناية: لأن اللفظ مستعمل فيما وضع له، فيكون كلّ من المعنيين غرضًا أصليًا، وإن كان أحد جزئي الغرض الأصلي - وهو المعنى الموضوع له - وسيلة إلى الجزء الآخر، أعني: المعنى المكنى عنه، وهو طول القامة في قولنا: زيد طويل النجاد.

وأُورد على هذا التقرير: بأن الكناية قد توجد بدون المعنى الحقيقي كقولنا - لمن لا نجاد له -: فلان طويل النجاد، كناية عن طول قامته (٢)، فلا حقيقة في هذه الكناية، ولما أجاب عنه بعض الأفاضل: بأنه لا بد في الكناية من تصوير المعنى الموضوع له - لينتقل الذهن إلى المكني عنه، فيكون الموضوع له مقصودًا في الكناية من حيث


(١) نفس المرجع: ص/٩٥.
(٢) آخر الورقة (٤٧/ ب من ب).

<<  <  ج: ص:  >  >>