للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثاني: أن المشهور أن الفرق بين المجاز والكناية إنما هو بأن الانتقال في المجاز من الملزوم إلى اللازم، وفي الكناية من اللازم إلى الملزوم، عليه أطبق المحققون، وكلام (١) المصنف يخالفه صريحًا.

فإن قلت: قولهم: إن الانتقال في الكناية من اللازم إلى الملزوم غير سديد: لأن اللازم قد يكون أعم كالتنفس للإنسان، فلا ينتقل منه إذ لا دلالة للعام على الخاص بوجه.

قلت: اللازم المذكور - في تعريف الكناية - ليس اللازم بالمعنى المذكور في المعلوم العقلية، بل بمعنى التابع، والرديف كطول النجاد، فإنه تابع لطول القامة عرفًا، ولكن شرط ذلك التابع أن يكون مساويًا للمتبوع، أو أخص، وإلا لا ينتقل منه الذهن إلى المتبوع.

والحاصل: أن هذا اللازم الذي هو بمعنى التابع، والرديف لا يطلق، ويراد به المتبوع إلَّا بعد كونه ملزومًا، لكن أي لزوم كان عقلًا، أو عرفًا، أو عادة، ويمكن أن يحمل كلام المصنف على هذا، ويسقط عنه السؤال الأول لكن خلاف الاصطلاح.

قال صاحب المفتاح (٢): "مبني الكناية على الانتقال من اللازم إلى الملزوم، ومبني المجاز على الانتقال من الملزوم إلى اللازم" (٣).


(١) آخر الورقة (٤٥/ ب من أ).
(٢) جاء في هامش (أ، ب): "إنما أورد كلام المفتاح ليعلم أن كلام المصنف بخلاف الاصطلاح".
(٣) مفتاح المعلوم للسكاكي: ص / ١٩٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>