للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولما لم يستعمل اللفظ في المعنى المعرض به كأنه وقع اللفظ منحرفًا عنه، فكل منهما في جانب، بخلاف ما إذا استعمل فيه حقيقة أو مجازًا، فإنه يكون المعنى تلقاء اللفظ، وتجاهه.

وإذا علم: أن اللفظ ليس مستعملًا في المعنى المعرض به، وإنما يؤخذ المعنى من السياق، فيجوز أن يوجد التعريض، مع كلّ من الكناية، والمجاز، والحقيقة، كما لا يخفى (١).

ولنذكر مثالًا يقاس عليه، وهو قوله - صلى الله عليه وسلم -: "المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده" (٢)، المعنى الأصلي: انحصار الإسلام، فيمن سلم المسلمون من لسانه، ويده. والمعنى المكني عنه - الذي هو المقصود من الحديث - هو انتفاء الإسلام عن المؤذي مطلقًا. والمعنى المعرض - الذي هو المقصود من الكلام سياقًا - هو نفى الإسلام عن المؤذي المعين (٣).

فتحرر: أن المجاز، والحقيقة، والكناية، إذا كان واحد منها مقصودًا من الكلام استعمالًا، لا ينافي أن يكون التعريض مقصودًا سياقًا.


(١) راجع: المصباح المنير: ٢/ ٤٠٣، والبرهان: ٢/ ٣١١، والطراز: ١/ ٣٨٠، والفوائد المشوق: ص / ١٣٣، وتشنيف المسامع: ق (٤٠/ ب)، والمحلى على جمع الجوامع: ١/ ٣٣٣، وهمع الهوامع: ص/ ١٢٠.
(٢) راجع: صحيح البخاري: ١/ ١١، وصحيح مسلم: ١/ ٤٨.
(٣) جاء في هامش (أ، ب): "كما إذا كان بجانبك شخص معين يؤذى المسلمين، قلت: المسلم من سلم، إلى آخر الحديث".

<<  <  ج: ص:  >  >>