يقول: دخلتُ على أحمد بن حنبل فرأيتُ رجلاً كأنَّ النار توقد بين عينيه، فسلمتُ عليه فردّ وقال: من الرجل؟ فقلت: ثَعلب، فقال: ما الذي تطلب من العلم؟ قلت: القَوافي والشعر- ووددت أني قلت له غير ذلك - فقال: اكتب، ثم أملى عليَّ:
إذا ما خلوتَ الدهَر يوماً فلا تَقل: خَلَوْتُ، ولكن قل: عَلَّي رقيبُ
ولا تَحْسنَّ الله يَغفلُ ساعةً ولا أنَّ ما نُخفي عليه يَغيبُ
لَهَوْنَا عن الأيامِ حتى تَتَابعتْ ذُنوبٌ على آثارِهنَّ ذُنوبٌ
فياليتَ أنَّ الله يَغْفِر ما مَضى ويَأذنُ في تَوباتِنا فَنتوبُ
إذا ما مَضَى القَرْنُ الذي أنتم فيه وخُلِّقْتَ في قرنٍ فانت غريبُ
وبلغني عن علي بن خَشْرَم أنه سمع أحمد بن حنبل يقول:
تَفْنَى اللَّذَاذَةُ ممن نالَ صَفْوَتَهَا مِن الحرامِ، ويَبْقَى الإثمُ والعارُ
تَبقى عَواقِبُ سوءٍ من مَغَبَّتِهَا لاَ خَيْرَ في لَذَّةٍ من بَعدِها النَّارُ
أخبرنا ابن ناصر، قال: أنبأنا أبو علي الحسن بن أحمد، قال: أنشدنا أبو الحسن بن محمد بن الحب، قال: أنشدني أبو عبد الله الخَياط، قال: أنشدتُ لأحمد بن حنبل من قوله في علي بن المديني:
يا ابْنَ المدينيِّ الذي عَرَضَتْ له دُنْيَا، فجادَ بدينهِ لينالَهَا