وطَيلساناً وقَلَنْسوةً، فأي قَلَنسوةٍ تَلبس؟ فقلت: ما رأيته لبس قَلَنسوة قط، وقال: إن أمير المؤمنين قد أمر أن يصير لكَ مَرتبة في أعلى المراتب، ويصير أبوعبد الله في حجرك، ثم قال لي: قد أمر أمير المؤمنين أن يُجري عليكم وعلى قراباته أربعة آلاف درهم، ثم عادَ يحيى من الغد، فقال: يا أبا عبد الله تركب؟ قال: ذاك إليك، فقال: استَخر الله عزّ وجل، فلبس إزاره وخُفية، وقد كان خُفّه قد أتى عليه نحو من خَمس عشرة سنة مَرقوعاً برقاع عِدّة، فأشار يحيى إلى أن يَلبس قَلنسوة. فقلت مالَه قَلنسُوة، ولا رأيته يَلبس قَلنسوة، فقال: كيفَ يدخل حاسراً! وطلبنا له دابة يركبها، فقال يحيى: مُصَلِّي، فجلس على التراب، وقال:{مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ} ثم ركب بَغل بعض التجار. فمضينا معه حتى إذا دخل دار أبي عبدالله أجلس في بيتٍ في الدّهليز، ثم جاءَ يحيى فأخذ بيده حتى أدخله ورُفع لنا الستر ونحن نَنظره، فَقعد، فقال له: يا أبا عبد الله في حجرك، قال صالح: فأخبرني بعض الخدم، أن المتوكل كان قاعِداً وراءَ سِتْر، فلما دخل أبي الدارَ، قال لأمه: يا أماه، قد أنارت الدار، ثم جاءَ خادم بمنديل، فأخذ يحيى المنديل، وأخرج مُبطَّنة فيها قميص، فأدخل يَده في جيب القَميص والمُبَطنة، ثم أخذ بيده فأقامه حتى أدخل جيبَ