مضيه، بل يجوز كونه مستقبلا وحالا. ومنع ابن السراج استقباله وأجاز حاليته فإنه قال:"ولا يجوز رب رجل سيقوم ولا يقومن غدا إلا أن تريد: رب رجل يوصف بهذا، تقول رب رجل مسيء اليوم محسن غدا، أي يوصف بهذا". والصحيح جوازهما وجواز المضيّ، إلا أنّ المضيّ أكثر. قال ابن خروف: والمتأخرون مختلفون في رب؛ منهم مَن تبع المبرد على مذهبه كابن السراج والفارسي، وهو فاسد، لأنه ألزم مخفوضة الصفة وحذف ما يتعلق به، وألا تدل إلا على التقليل. ولا يفتقر إلى الصفة كما زعموا، لأن معنى التقليل والتكثير الذي دلت عليه يقوم مقام وصف مخفوضها، كما كان ذلك في "كم" ولذلك قلت كم غلام عندك، فابتدأت بنكرة، يعني أن ما دلت عليه "كم" من التكثير سوّغ الابتداء بها مع أنها نكرة.
ونبهت بقولي "وقد يعطف على مجرورها وشبهه بمضاف إلى ضميريهما" على أنه قد يقال رب رجل وأخيه رأيت، وكم ناقة وفصيلها ملكت، على تقدير: رب رجل وأخ له، وكم ناقة وفصيل لها. ثم نبهت على أن المجرور بها قد يكون ضميرا لازما تفسيره بمميّز مؤخر مطابق للذي يقصده المتكلم من إفراد وتذكير وغيرهما، وأن الضمير على أشهر المذهبين لا يكون إلا بلفظ الإفراد والتذكير فيقال: ربه رجلا، وربه رجلين، وربه رجالا وربه امرأةً، ورُبّه نسوة. ومثال رُبّ رجلا قول الشاعر:
رُبَّ امرأ بك نال أمْنع عِزَّةٍ ... وغِنًى بُعيدَ خصاصةٍ وهوان
ومثال ربه رجالا قوله:
رُبّه فتيةً دعوْت إلى ما ... يُورِثُ المجدَ دائبًا فأجابوا
وحكى الكوفيون: ربهما رجلين، وربهم رجالا، وربها امرأة. وإلى هذا الوجه والذي قبله أشرت بقولي: "ولزوم إفراد الضمير وتذكيره عند تثنية التمييز وجمعه