للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإعمال ذلك العائد في الظرف لقربه منه أحق. فبان بهذه الأوجه فساد ما ذهب إليه الكوفيون.

وذهب ابن خروف إلى أن عامل النصب في الظرف المذكور المبتدأ نفسه، وقال: هو مذهب سيبويه، وحمله على ذلك أن سيبويه قال في باب ما ينتصب من الأماكن والوقت: قد تنتصب لأنها موقوع فيها، ومكون فيها، وعمل فيها ما قبلها، كما أن العِلْم إذا قلت: أنت الرجل علما، عمل فيه ما قبله، وكما عمل في الدرهم عشرون إذا قلت: عشرون درهما ثم قال سيبويه: "فالمكان هو خلفك" ثم أردفه بنظائر وقال: "فهذا كله انتصب على ما هو فيه وهو غيره، وصار بمنزلة المنون الذي عمل فيما بعده نحو العشرين، ونحو: خير منك عملا، فصار: زيد خلفك، بمنزلة ذلك، والعامل في خلف الذي هو في موضعه، والذي هو في موضع خبره، كما أنك إذا قلت: عبد الله أخوك، فالآخر رفعه الأول، وعمل فيه، وبه استغنى الكلام، وهو منفصل منه" هذا نصه، وهو يحتمل أربعة أوجه: أحدها: كون الظرف منصوبا بعامل معنوي، وهو حصول المبتدأ فيه، بقوله: فانتصبت لأنها موقوع فيها، ومكون فيها. ويحتمل قوله: عمل فيها ما قبلها على عمل المبتدأ في المحل. فيكون للظرف على هذا التقدير عامل نصب في لفظه وهو المعنى المذكور، وعامل رفع في محله وهو المبتدأ، وهذا الوجه باطل إذ لا قائل به، ولأن الحصول لو عمل في الظرف العرفي وهو الخلف وشبهه لعمل في الظرف اللغوي كالكِيس والكُوز، فكان يقال: المالُ الكيسَ، والماءُ الكوزَ، بالنصب، بل الحصول المنسوب إلى الكيس والكوز ونحوهما أولى بالعمل، لأنه حصول إحاطة وإحراز، وإذا لم يصلح للعمل وهو أقوى، فغيره بعدم العمل أولى.

والوجه الثاني: "كون الظرف منصوبا بالمخالفة كقول الكوفيين، فإنه يوهمه سيبيوه بقوله في الباب المذكور: فهذا كله انتصب على ما هو فيه وهو غيره"

<<  <  ج: ص:  >  >>