للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونبهت بقولي: "أو موجب" على أن توسيط الخبر قد يجب، وذلك إذا كان الاسم مقصودا بحصر، نحو قوله تعالى: (وما كان حجتَهم إلا أن قالوا) وقد يحمل الموجب على موجب تقديم أو توسيط على سبيل التخيير، وذلك إذا اشتمل الاسم على ضمير ما اشتمل عليه الخبر نحو: كان شريكَ هند أخوها، ووليَّها كان أبوها، فواجب في هذه المسألة وشبهها تقديم الخبر أو توسيطه، وممتنع تأخيره لئلا يتقدم الضمير على مُفَسِّرٍ مؤخرٍ رتبة ولفظا. فلو كان في مثل هذه المسألة قبل الفعل ما له صدر الكلام تعيّن التوسيط، نحو قولك: هل كان شريكَ هند أخوها؟

وأشرت بقولي: "وكذا تقديم خبر صار وما قبلها" إلى أنه يجوز تقديم الأخبار المذكورة إن لم يعرض مانع ولا موجب، فمن أسباب عروض المانع خوف اللبس نحو: كان فتاك مولاك، فمثل هذا لا يتميز فيه الاسم إلا بالتقديم، ولا الخبر إلا بالتأخير، فالتزم، وكان غيره ممنوعا، وكذا نحو: صار عدوي صديقي.

ومن أسباب عروض المانع حصر الخبر نحو: إنما كان زيد في المسجد، فتأخير الخبر في مثل هذا ملتزم، وغيره ممنوع، لأن حصر الخبر مقصود، ولا يفهم إلا بالتأخير.

ومن أسباب عروض المانع اشتمال الخبر على ضمير ما اشتمل عليه الاسم نحو: كان بَعْلُ هند حبيبَها، فتأخير الخبر في مثل هذا ملتزم، وغيره ممنوع، لأنه لو توسط أو قدم لزم عود الضمير إلى متأخر لا يتعلق به العامل. وبعض النحويين لا يلتزم تأخير الخبر في مثل هذا، لأن المضاف والمضاف إليه كالشيء الواحد، فلو وسط الخبر فقيل: كان حبيبَها بعلُ هند، لم يضر، لأن الضمير عائد على ما هو كجزء مرفوع الفعل، ومرفوع الفعل مقدم التقديم، وما هو كجزئه معه، إذ لا يتم معناه إلا به. ويلزم من جواز هذا جواز كان حبيبَها الذي خطب هندا، لأن ما يتم به المضاف بمنزلة ما يتم به الموصول، وهذا لا يجوز، فكذلك ما أشبهه.

وأما عروض موجب تقديم الخبر فإذا كان فيه معنى استفهام نحو: كم كان مالك؟

<<  <  ج: ص:  >  >>