للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكيف كان زيد؟ وكذا إذا كان مضافا إلى ما فيه معنى استفهام نحو: غلام من كان زيد؟

ولا حظّ لزال وما بعدها في وجوب تقديم الخبر، لأنهن لا يدخلن على مبتدأ مخبر عنه بأداة استفهام ولا مضاف إليها، وقد تقدم التنبيه على ذلك.

وتشارك زال وأخواتها إذا نفيت بغير "ما" صار وأخواتها في جواز تقديم الخبر، نحو: قائما لم يزل زيد. وفي التخيير بين تقديمه وتوسيطه عند امتناع تأخيره، نحو: في الدار لم يبرح صاحبها، ولا ينفك مع هند أخوها.

فلو كان النفي بما لم يجز التقديم، لأن لها صدر الكلام، ولذلك جرت مجرى حرف الاستفهام في تعليق أفعال القلوب. وقياس "إنْ" النافية أن تجرى مجراها في غير التعليق كما جرت فيه مجراها، كقوله: (وتظنون إنْ لبثتم إلا قليلا).

وأجاز ابن كيسان التقديم مع النفي بما، مع أنه موافق للبصريين في أن "ما" لها صدر الكلام، لأنه نظر إلى أن: ما زال زيد فاضلا، بمنزلة: كان زيد فاضلا، في المعنى، فاستويا في جواز تقديم الخبر. وهذا الذي اعتبره ضعيف، لأن عروض تغير المعنى لا يغير له الحكم، ولذلك استصحب للاستفهام في نحو: علمت أزيد ثَمّ أم عمرو، ما كان له من التزام التصدير، مع أن معنى الاستفهام قد تغير. وأجاز الكوفيون إلا الفراء ما أجازه ابن كيسان، لأن "ما" عندهم ليس لها تصدير مستحق، حكى ذلك ابن كيسان.

واختلف في تقديم خبر ليس عليها، فأجازه سيبويه، ووافقه السيرافي والفارسي وابن برهان والزمخشري. ومنعه الكوفيون وأبو العباس وابن السراج والجرجاني، وبه أقول، لأن ليس فعل لا يتصرف في نفسه، فلا يتصرف في عمله، كما وجب لغيره من الأفعال التي لا تتصرف كعسى ونعم وبئس وفعل التعجب، مع أن ليس شبيهة في المعنى بحرف لا يشبه الأفعال وهو "ما" بخلاف عسى، فإنها تشبه حرفا يشبه الأفعال وهو "لعل"، والوهن الحاصل بشبه الحرف لا يشبه الأفعال أشد

<<  <  ج: ص:  >  >>