واستعمالها للبدل كقوله تعالى (واتّقوا يومًا لا تجزي نفسٌ عن نفسٍ شيئًا)
وكقول القائل: حجّ فلان عن أبيه، وقضى عنه دَيْنا.
وفي صحيح البخاري ومسلم أن رجلا قال يا رسول الله "إنّ أمّي ماتت وعليها صوم شهر، أفأقضيه عنها؟ قال: لو كان على أمك دين أكنت قاضيه عنها؟ قال نعم، فدين الله أحقُّ أنْ يُقْضى". ومنه قول الشاعر:
كيف تراني قالبا مِجنّي ... قد قتل الله زيادا عنّي
أراد كان قتل الله زيادا بدل قتلي إياه. ومثله قول الآخر:
حاربتُ عنك عِدًى قد كنتَ تحذرهم ... فنلت بي منهم أمنا بلا حَذَر
واستعمالها للاستعلاء كقول الشاعر:
لاه ابن عمكَ لا أفضلت في حسب ... عنّي ولا أنت ديّاني فتخزوني
أراد لا أفضلت في حسب عليّ، أي لم يَعْلُ حسبُك عليٌ حَسَبي. ومن استعمال "عن" للاستعلاء قولهم: بخل عنك، والأصل: بخل عليك، لأن الذي يُسأل فيبخل يحمّل السائل ثقل الخيبة مضافا إلى ثقل الحاجة، ففي بخل معنى ثقُل، فكان حقيقا بأن يشاركه في التعدية بعلى. فإن عُدّي بعن كان معناها معنى على، وأيضا فإنّ شحّ وضنّ بمعنى بخل، وتعديتهما في الغالب بعلى لا بعن، فكانت