الخبر، ومعناهما معنى رُبّ" ثم قال بعد ذلك في الباب: "واعلم أن كم في الخبر لا تعمل إلا فيما تعمل فيه رب، لأن المعنى واحد، إلا أن كم اسم ورب غير اسم" هذا نصه. ولا معارض له في كتابه. فعلم أن مذهبه كون رب مساوية لكم الخبرية في المعنى، ولا خلاف أن معنى كم الخبرية التكثير. والذي دل عليه كلام سيبويه من أن معنى رب التكثير هو الواقع في غير النادر من كلام العرب نثره ونظمه. فمن النظم الأبيات التي قدمت ذكرها. ومن النثر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "يارُب كاسية في الدنيا عارية يوم القيامة" وقوله صلى الله عليه وسلم: "رُب أشعث لا يُؤبَه له، لو أقسم على الله لأبَرَّ قسمه". ومنه قول الأعرابي الذي سمعه الكسائي يقول بعد الفطر: رب صائمه لن يصومه، وقائمه لن يقومه. وقال الفراء: يقول القائل إذا أمَر فعُصي: أما والله رُب ندامة لك تذكر قولي فيها. وقولي "والتقليل بها نادر" أشرت به إلى قول الشاعر:
ألا رُبَّ مولودٍ وليسَ له أبٌ ... وذي وَلَدِ لم يلدهُ أبوانِ
يريد آدم وعيسى عليهما السلام.
ومثله قول عمرو بن الشريد أخي الخنساء:
وذي إخوةٍ قطّعتُ أقْران بينهم ... كما تركوني واحدًا لا أخَاليا
ومثله:
ويومٍ على البلقاء لم يكُ مثلَه ... على الأرضِ يومٌ في بعيدٍ ولادان