للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يكن الرد موافقا. وفي كلتا الشبهتين ضعف بَيّن.

أما ضعف الأولى فلترتبها على أن رب للتقليل وقد سبق أنها للتكثير، وعلى تقدير أنها للتقليل فإن النكرة دون وصف صالحة أن يراد بها العموم فيكون فيها تكثير، وأن يراد بها غير العموم فيكون فيها تقليل. فإذا دخلت عليها رب على تقدير وضعها للتقليل أزالت احتمال التكثير، كما يزال احتمال التقليل بلا ومن الجنسيتين. فإن وصفت بعد دخول رب ازداد التقليل، فإن كان المطلوب زيادة التقليل لا مطلقة فينبغي ألا يقتصر على وصف واحد، لأن التقليل يزيد بزيادة الأوصاف.

وأما الشبهة الثانية فضعفها أيضا بَيّن، لأنها مرتبة على أن رب لا تكون إلا جوابا، وعلى أن الجواب يلزم أن يوافق المجاب، وكلا الأمرين غير لازم بالاستقراء. والصحيح أنها تكون جوابا وغير جواب، وإذا كانت جوابا فقد تكون جوابا موصوفا، وجوابا غير موصوف، فيكون لمجرورها من الوصف وعدمه ما للمجاب، فيقال لمن قال ما رأيت رجلا: رب رجل رأيت، ولمن قال ما رأيت رجلا عالما: رب رجل عالم رأيت. وإذا لم تكن جوابا فللمتكلم بها أن يصف مجرورها وألا يصفه. ومن وقوعه غير موصوف قول أم معاوية:

ياربّ قائلةٍ غدًا ... يالهفَ أمِّ معاويَهْ

ومثله:

ألا رُبَّ مأخوذٍ بإجْرامِ غيرِه ... فلا تَسْأمنْ هِجْرانَ من كان مجرِما

ومثله:

ربّ مُسْتَغْنٍ ولامالَ له ... وعظيم الفَقْر وهو ذو نَشَب

والذي يدل على أن وصف مجرورها لا يلزم عند سيبويه تسويته إياها بكم، ووصف مجرور كم الخبرية لا يلزم، فكذا وصف ما سُوِّي بها. ومن كلامه المتضمن

<<  <  ج: ص:  >  >>