للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

«فرق الله تعالى بين رسوله وبين خلقه في أمور أباحها له وحظرها عليهم، وذكر منها الوصال»، وممن صرح به من أصحابنا بتصحيح تحريمه صاحب «العدة» والرافعي وآخرون، وقطع به جماعة من أصحابنا منهم القاضي أبو الطيب في كتابه «المجرد» والخطابى في «المعالم» وسليم الدارى في «الكفاية» وإمام الحرمين في «النهاية» والبغوي والروياني في «الحلية» والشيخ نصر في كتابه «الكافي وآخرون كلهم صرحوا بتحريمه من غير خلاف (١).

وقال ابن عبد البر -رحمه الله-: واختلف أهل العلم في تأويل هذا الحديث، فقال منهم قائلون: إنما نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الوصال رفقًا لأمته ورحمة بهم، فمن قدر على الوصال فلا حرج؛ لأنه لله -عز وجل- يدع طعامه وشرابه، وكان عبد الله بن الزبير - رضي الله عنه - وغيره جماعة يواصلون الأيام.

وعن مالك بن أنس: أن عامر بن عبد الله بن الزبير كان يواصل في شهر رمضان ثلاثًا، فقيل له: ثلاثة أيام؟ قال: لا، ومن يقوى يواصل ثلاثة أيام يومه وليله.

ومن حجة من ذهب هذا المذهب: حديث هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت: «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الوصال رحمة قالوا يا رسول الله إنك تواصل قال إني لست كأحد منكم يطعمني ربي ويسقيني»

وكان أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه: لا يكرهان أن يواصل الرجل من سحر إلى سحر لا غير.

ومن حجة من ذهب إلى هذا أيضًا: حديث عبد الله بن خباب عن أبي سعيد الخدري أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا تواصلوا فأيكم أراد أن يواصل فليواصل حتى السحر» قالوا فإنك تواصل قال إني لست كهيئتكم إن لي مطعما يطعمني وساقيا يسقيني»


(١) انظر: المجموع للنووي (٦/ ٣٥٧، ٣٥٨).

<<  <   >  >>