للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وحديث بن شهاب عن أبي سلمة عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الوصال فقال رجل من المسلمين إنك يا رسول الله تواصل فقال لستم مثلي إني أبيت يطعمني ربي ويسقيني فلما أبوا أن ينتهوا عن الوصال واصل بهم يوما ثم يوما ثم رأوا الهلال فقال صلى الله عليه وسلم لو تأخر لزدتكم كالمنكل بهم، هكذا رواه صالح بن كيسان وشعيب بن أبي حمزة ويحيى بن سعيد عن بن شهاب عن أبي سلمة عن أبي هريرة، وزاد بعضهم فيه كالمنكل بهم حين أبوا أن ينتهوا، ورواه عبد الرحمن بن سمرة عن الزهري عن سعيد وأبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقد ذكرنا أسانيد هذه الآثار كلها في التمهيد.

وكره مالك والثوري وأبو حنيفة والشافعي وجماعة من أهل الفقه والأثر: الوصال على كل حال لمن قوي عليه ولغيره، ولم يجيزوه لأحد.

ومن حجتهم: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الوصال، وأنه - صلى الله عليه وسلم - قال: «إِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ فَاتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ، وَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَدَعُوهُ» (١)، وحقيقة النهي الزجر والمنع، وقالوا لما قال لهم: أني لست كهيئتكم» أعلمهم أن الوصال له خاصة لا لغيره كما خص بسائر ما خص - صلى الله عليه وسلم -.

وقد احتج من ذهب هذا المذهب بحديث عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - رواه هشام بن عروة عن أبيه عن عاصم بن عمر عن أبيه قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إِذَا أَقْبَلَ اللَّيْلُ مِنْ هَا هُنَا، وَأَدْبَرَ النَّهَارُ مِنْ هَا هُنَا، وَغَرَبَتِ الشَّمْسُ فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ» (٢).

قالوا: ففي هذا ما يدل على أن الوصال للنبي - عليه السلام - مخصوص، وأن المواصل لا ينتفع بوصاله؛ لأن الليل ليس بموضع للصيام بدليل هذا الحديث وشبهه، وروى عبد الله بن أبي أوفى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مثله.


(١) أخرجه مسلم (١٣٣٧).
(٢) سبق تخريجه.

<<  <   >  >>