للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولا معنى لطلب الفضل في الوصال إلى السحر على مذهب من أراد ذلك؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «لَا يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ مَا عَجَّلُوا الْفِطْرَ» (١)، وقالت عائشة كان النبي - صلى الله عليه وسلم - أعجل الناس فطرا (٢).

وقال ابن بطال -رحمه الله-: فأما الصوم ليلاً فلا معنى له؛ لأن ذلك غير وقت للصوم، كما شعبان غير وقت لصوم شهر رمضان، وكذلك لا معنى لتأخير الأكل إلى السحر لمن كان صائمًا فى رمضان إذا لم يكن تأخيره ذلك طلبًا للنشاط على قيام الليل؛ لأن فاعل ذلك إن لم يفعله لما ذكرناه فإنه مجيع نفسه فى غير ما فيه لله رضا، فلا معنى لتركه الأكل بعد مغيب الشمس لقوله عليه السلام: «إِذَا غَرَبَتِ الشَّمْسُ فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ» (٣).

وقال النووي -رحمه الله-: قال أصحابنا: الحكمة في النهي عن الوصال؛ لئلا يضعف عن الصيام والصلاة وسائر الطاعات، أو يملها ويسأم منها لضعفه بالوصال، أو يتضرر بدنه أو بعض حواسه، وغير ذلك من أنواع الضرر (٤).

وقال الدهلوي -رحمه الله-: النهي عن الوصال إنما هو لأمرين:

أحدهما: ألا يصل إلى حد الإجحاف، والثاني: ألا تحرف الملة، وقد أشار النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى أنه لا يأتيه الإجحاف؛ لأنه مؤيد بقوة ملكية نورية، وهو مأمون (٥).


(١) أخرجه البخاري (١٩٥٧)، ومسلم (١٠٩٨).
(٢) انظر: الاستذكار لابن عبد البر (٣/ ٣٣٤ - ٣٣٦).
(٣) انظر: شرح صحيح البخاري لابن بطال (٤/ ١٠٩).
(٤) انظر: المجموع للنووي (٦/ ٣٥٨).
(٥) انظر: حجة الله البالغة للدهلوي (٢/ ٨١).

<<  <   >  >>