للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأعمال؛ لأنها في الإثم كالزور، وقال الطيبي: هو العمل بمقتضاه من الفواحش وما نهى الله عنه. «فليس لله حاجة» أي: التفات ومبالاة، وهو مجاز عن عدم القبول ينفي السبب وإرادة نفي المسبب. «في أن يدع» أي: يترك. «طعامه وشرابه» فإنهما مباحان في الجملة، فإذا تركهما وارتكب أمرًا حرامًا من أصله استحق المقت، وعدم قبول طاعته في الوقت، فإن المطلوب منه ترك المعاصي مطلقًا لا تركًا دون ترك، وكأن هذا مأخذ من قال: إن التوبة عن بعض المعاصي غير صحيحة، والصحيحة حصتها كما هو مقرر في محلها بناء على الفرق بين الصحة والقبول، فإنه لا يلزم من عدم القبول عدم الصحة بخلاف العكس، قال القاضي: المقصود من الصوم كسر الشهوة وتطويع الأمارة، فإذا لم يحصل منه ذلك لم يبال بصومه، ولم ينظر إليه نظر عناية، فعدم الحاجة عبارة عن عدم الالتفات والقبول، وكيف يلتفت إليه والحال أنه ترك ما يباح من غير زمان الصوم من الأكل والشرب وارتكب ما يحرم عليه في كل زمان؟ قال الطيبي: وفي الحديث دليل على أن الكذب والزور أصل الفواحش، ومعدن المناهي، بل قرين الشرك، قال تعالى: {(((((((((((((((الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ ((((((((} [الحج: ٣٠]، وقد علم أن الشرك والزور مضاد للإخلاص، والصوم بالاختصاص فيرتفع بما يضاده، رواه البخاري.

وفي معناه: حديث الحاكم الذي صححه: «ليس الصيام من الأكل والشرب فقط إنما الصيام من اللغو والرفث».

ويؤخذ منه: أن يتأكد اجتناب المعاصي على الصائم كما قيل في الحج، لكن لا يبطل ثوابه من أصله بل كماله، فله ثواب الصوم وإثم المعصية، وأما ما نقله البيهقي عن الشافعي واختاره بعض أصحابه من أنه يبطل بذلك ثوابه من أصله فيحتاج إلى دليل معين، وعليل مبين، وأما قول ابن حجر: يتأكد على الصائم، أي: من حيث الصوم فلا ينافي كونه واجبًا من جهة أخرى أن يكف لسانه وسائر جوارحه من المباحات، وآكد من ذلك كف ما ذكر عن

<<  <   >  >>