للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المعاصي بأسرها فغير صحيح؛ إذ الإجماع قائم على أن الكف عن المباحات غير واجب، بل قوله يكره له شم الرياحين والنظر إليها ولمسها محتاج إلى نهي وارد مقصود كما هو مقرر» (١).

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه -، قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - رضي الله عنه -: «قَالَ اللَّهُ: كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ، إِلَّا الصِّيَامَ، فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، وَالصِّيَامُ جُنَّةٌ، وَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلاَ يَرْفُثْ وَلاَ يَصْخَبْ ...» الحديث (٢).

وقال صاحب «مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح»: «فلا يرفث» بالمثلثة وبتثليث الفاء قاله الزركشي والقسطلاني والعيني وكذلك في القاموس، والرفث: بفتح الراء والفاء يطلق ويراد به الجماع ومقدماته، ويطلق ويراد به الفحش، ويطلق ويراد به خطاب الرجل والمرأة فيما يتعلق بالجماع.

وقال كثير من العلماء: إن المراد به في هذا الحديث الفحش وردى الكلام وقبيحه. وقيل: يحتمل أن يكون النهي لما هو أعم من ذلك. «ولا يصخب» بالصاد المهملة والخاء المعجمة المفتوحة، أي: لا يصيح ولا يخاصم. وقيل: أي لا يرفع صوته بالهذيان، وفي رواية للشيخين: «ولا يجهل» مكان قوله: «ولا يصخب» أي: لا يفعل شيئًا من أفعال أهل الجهل كالصياح والسفه والسخرية ونحو ذلك، وفي رواية سعيد بن منصور ولا يجادل وهذا كله ممنوع على الإطلاق لكنه يتأكد بالصوم؛ ولذا قال القرطبي: لا يفهم من هذا إن غير يوم الصوم يباح فيه ما ذكر وإنما المراد إن المنع من ذلك يتأكد بالصوم» (٣).

وعن عطاء قال: كانوا يكرهون فضول الكلام، وكانوا يعدون فضول الكلام ما عدا كتاب الله أن نقرأه أو أمرًا بمعروف، أو نهيًا عن منكر، أو أن تنطق في معيشتك بما لا بد لك منه.


(١) مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصايح، القاري (٤/ ١٣٨٨).
(٢) أخرجه البخاري (١٩٠٤)، ومسلم (١١٥١).
(٣) مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح، أبو الحسن المباركفوري (٦/ ٤١١).

<<  <   >  >>