للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومنها: أن الجمع بين الصيام والصدقة أبلغ في تفكير الخطايا واتقاء جهنم والمباعدة عنها، وخصوصًا إن ضم إلى ذلك قيام الليل، فقد ثبت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «الصِّيَامُ جُنَّةٌ» (١).

وفي الحديث الصحيح عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ (٢)، وكان أبو الدرداء - رضي الله عنه - يقول: «صلوا في ظلمة الليل ركعتين لظلمة القبور، صوموا يومًا شديدًا حره لحر يوم النشور، تصدقوا بصدقة لشر يومٍ عسير».

ومنها: أن الصيام لا بد أن يقع فيه خلل أو نقص، وتكفير الصيام للذنوب مشروط بالتحفظ مما نبغي التحفظ منه كما ورد ذلك في حديث خرجه ابن حبان في صحيحه وعامة صيام الناس لا يجتمع في صومه التحفظ كما ينبغي؛ ولهذا نهى أن يقول الرجل: صمت رمضان كله أو قمته كله فالصدقة تجبر ما فيه من النقص والخلل؛ ولهذا وجب في آخر شهر رمضان زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث، والصيام والصدقة لهما مدخل في كفارات الإيمان ومحظورات الإحرام وكفارة الوطء في رمضان، ولهذا كان الله تعالى قد خير المسلمين في ابتداء الأمر بين الصيام وإطعام المسكين، ثم نسخ ذلك وبقي الإطعام لمن يعجز عن الصيام لكبره، ومن أخر قضاء رمضان حتى أدركه رمضان آخر فإنه يقضيه ويضم إليه إطعام مسكين لكل يوم تقوية له عند أكثر العلماء، كما أفتى به الصحابة، وكذلك من أفطر لأجل غيره كالحامل والمرضع على قول طائفة من العلماء.

ومنها: أن الصائم يدع طعامه وشرابه لله، فإذا أعان الصائمين على التقوي على طعامهم وشرابهم كان بمنزلة من ترك شهوة لله وآثر بها أو واسى منها؛ ولهذا يشرع له تفطير الصوام معه إذا أفطر؛ لأن الطعام يكون محبوبًا له حينئذ فيواسي منه حتى يكون من أطعم الطعام


(١) أخرجه البخاري (١٨٩٤)، ومسلم (١١٥١).
(٢) أخرجه البخاري (١٤١٧)، ومسلم (١٠١٦).

<<  <   >  >>