للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

منع القرآن بوعده ووعيده ... مقل العيون بليلها لا تهجع

فهموا عن الملك العظيم كلامه ... فهما تذل له الرقاب وتخضع

فأما من كان معه القرآن فنام عنه بالليل ولم يعمل به بالنهار فإنه ينتصب القرآن خصمًا له يطالبه بحقوقه التي ضيعها.

وخرج الإمام أحمد من حديث سمرة: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى في منامه رجلاً مستلقيًا على قفاه، ورجل قائم بيده فهر أو صخرة فيشدخ به رأسه فيتدهده الحجر، فإذا ذهب ليأخذه عاد رأسه كما كان فيصنع به مثل ذلك فسأل عنه؟ فقيل له: هذا رجل آتاه الله القرآن فنام عنه بالليل، ولم يعمل به بالنهار فهو يفعل به ذلك إلى يوم القيامة» (١)، وقد خرجه البخاري بغير هذا اللفظ (٢).

فضل الاجتماع في المسجد لتلاوة القرآن ومدارسته:

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «مَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللهِ، يَتْلُونَ كِتَابَ اللهِ، وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ، إِلَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِمِ السَّكِينَةُ، وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ وَحَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ، وَذَكَرَهُمُ اللهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ، وَمَنْ بَطَّأَ بِهِ عَمَلُهُ، لَمْ يُسْرِعْ بِهِ نَسَبُهُ» (٣).

قال الإمام النووي -رحمه الله-:

قيل المراد بالسكينة هنا: الرحمة، وهو الذي اختاره القاضي عياض، وهو ضعيف لعطف الرحمة عليه، وقيل: الطمأنينة والوقار هو أحسن، وفي هذا دليل لفضل الاجتماع على تلاوة القرآن في المسجد، وهو مذهبنا ومذهب الجمهور.


(١) أخرجه أحمد في «مسنده» (٢٠١٦٥)، وقال الأرنؤوط: إسناده صحيح على شرط الشيخين.
(٢) انظر: لطائف المعارف لابن رجب الحنبلي (١٦٩ - ١٧٣).
(٣) أخرجه مسلم (٢٦٩٩)، وأحمد في «المسند» (٧٤٢٧)، وأبو داود في «سننه» (١٤٥٥).

<<  <   >  >>