وأمّا حديث عُبادة: فرواه ابن ماجه في سننه (٢/ ٧٨٤، ح ٢٣٤١) من طريق موسى بن عقبة، عن إسحاق بن يحيى بن الوليد بن عبادة، عن جدِّ أبيه عبادة بن الصامت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: (قضى أن لا ضرر، ولا ضرار)، وإسحاق قال فيه البخاريّ: (أحاديثه معروفةٌ، إلا أنه لم يلق عبادة) تهذيب التهذيب (١/ ٢٥٦) , وقال الحافظ: (مجهول الحال, أرسل عن عبادة) التقريب (١٠٣). وكونه مجهول حالٍ فائدة زادها في التقريب ولم يذكرها في التهذيب.
وأما حديث ابن عباس: فرواه ابن ماجه أيضًا (٢/ ٧٨٤، ح ٢٣٤١) وأحمد (٥/ ٥٥، ح ٢٨٦٥) من طريق عبد الرزاق عن معمرٍ عن جابر الجعفيِّ عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعًا، قال: «لا ضرر ولا ضرار»، وجابرٌ هو ابن يزيد الجعفيّ، وهو ضعيفٌ إلّا أنّ له جابرًا الآن وهو ما رواه ابن أبي شيبة -ذكره الزيلعي في نصب الراية (٤/ ٣٨٤) - حدثنا معاوية بن عمرو ثنا زائدة عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس، مرفوعًا. ورواية سماك عن عكرمة خاصَّةً (مضطربة، وقد تغيّر بأخرة) , انظر: تقريب التهذيب (٢٥٥). والحقُّ أنَّ الحديث له طرقٌ كثيرةٌ تجبُر بعضُها بعضًا؛ ولذا حسَّن النوويُّ الحديث، وكذا شيخ الإسلام ابن تيمية كما في مجموع الفتاوى (٣/ ٢٦٢) فقد حسّنه لطرقه وشواهده الكثيرة، وقال ابن رجبٍ في شرحه: (وقد ذكر الشيخ رحمه الله -أي: النوويّ- أنَّ بعض طرقه تقوّى ببعض، وهو كما قال، وقال الشافعي في المرسل: إنه إذا أسند من وجه آخر، أو أرسله من يأخذ العلم عن غير من يأخذ عنه المرسل الأول فإنه يقبل، وقد استدلَّ الإمام أحمد بهذا الحديث، وقال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا ضرر ولا ضرار») انظر: جامع العلوم (٥٧١).