للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

للتباغض، قالوا: ومثله الشراء على الشراء بغير إذن المشتري، بأن يقول للبائع في زمن الخيار: افسخ وأشتريه منك بأغلى، ومثل ذلك ما في معناه من السَّوم على سوم غيره، والخِطبة على خِطبته إلَّا برضاه, وتصرَّفَ بعضهم في النَّهي فخصَّه بما إذا لم يكن فيه غَبنٌ فاحش، وإلَّا فله إعلامه ليفسخ ويبيعه بأرخص، والأصحُّ خلافه) (١).

ثانيًا: جامع العلوم والحكم لابن رجبٍ -رحمه الله-:

تقدَّم أنَّ الغرض الأساسيَّ من الشرح الذي أكَّد عليه الحافظ ابن رجبٍ في مقدِّمة كتابه أنَّه شرح للألفاظ النبويَّة فقال: (واعلم أنَّه ليس غرضي إلَّا شرح الألفاظ النبويَّة التي تضمَّنتها هذه الأحاديث الكلِّية) (٢).

ومقتضى كلامه هذا أنَّه سيتكلَّم على ما يشتمل عليه الحديث من المسائل الفقهيَّة, فكان له في ذلك اليد الطولى, فمن ذلك قوله في شرح حديث: «لا ضرر ولا ضرار»:

(ورد في القرآن النَّهي عن المضارَّة في مواضعَ: منها في الوصيَّة ... ومتى وصى لوارثٍ أو لأجنبيٍّ بزيادة على الثلث، لم ينفذ ما وصى به إلَّا بإجازة الورثة، وسواء قصد المضارَّة أو لم يقصد، وأما إن قصد المضارَّة بالوصية لأجنبيٍّ بالثلث، فإنه يأثم بقصده المضارَّة، وهل تردُّ وصيته إذا ثبت بإقراره أم لا؟ حكى ابن عطيَّة روايةً عن مالك أنها تردُّ، وقيل: إنَّه قياس مذهبِ أحمد, ومنها: الرجعة في النكاح، وذهب مالك إلى أن من راجع امرأته قبل انقضاء عدتها، ثم طلقها من غير مسيسٍ: أنَّه إن قصد بذلك مضارتها بتطويل العِدَّة لم تستأنف العِدَّة، وبنتْ على ما مضى منها، وإن لم يقصد بذلك استأنفت عدَّةً جديدة، وقيل: تبني مطلقًا، وهو قول عطاءٍ وقتادة، والشافعيِّ في القديم، وأحمدَ في روايةٍ، وقيل: تستأنف مطلقًا، وهو قول الأكثرين، منهم أبو قلابة والزهريُّ والثوريُّ وأبو حنيفة والشافعيُّ - في الجديد - وأحمدُ في روايةٍ وإسحاقُ وأبو عبيدٍ وغيرهم.

ومنها: في الإيلاء، فإن الله جعل مدَّة المُولي أربعة أشهرٍ إذا حلف الرجل على


(١) ص (٢٠٠) من هذا الكتاب.
(٢) جامع العلوم والحكم (ص ١٩).

<<  <   >  >>