للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الحديث الحادي والثلاثون]

(عن أبي العبَّاس) وقيل أبي يحيى (سهل بن سعد) (١) بن مالك بن خالدِ بنِ ثَعلبةَ (السَّاعِدِيِّ) -بكسر المهملة- نسبةً إلى ساعِدةَ بنِ كَعْبٍ الأنصاريِّ الخزرجيِّ المدنيِّ، آخرُ من مات من الصَّحابة (٢)، [مات سنة ثمانٍ وثمانين عن بضعٍ وتسعين سنة] (٣).

(قال: جاء رجل إلى النّبيِّ صلى الله عليه وسلّم, فقال يا رسول الله: دُلَّنِيْ) بضمِّ الدال وفتح اللام مشدّدةً، (على عملٍ) هو فعلٌ من الحيوان بقصدٍ وإرادة، والمراد هنا: عملٌ صالح.

(إذا عملتُه أحبَّنيَ اللهُ وأَحبّنيَ النَّاسُ) معنَى محبّةِ اللهِ للعبدِ: رِضاهُ عنْه وإحسانُه إليه؛ لأنّ المحبَّةَ ميلٌ طبيعيٌّ، وهو في حقّه مُحالٌ، فالمراد غايتها (٤).


(١) كتبَ في حاشية الأصل تعريفٌ عن سهل بن سعد فقال: (رضي الله عنه، ينبغي عنهما؛ لأنّ أباه صحابيّ، روي له مائةُ حديثٍ وثمانية وثمانون، اتفقا على ثمانية وعشرين، وانفردَ البخاريُّ بأحدَ عشرَ. صح). والكلام لابن حجر الهيتميِّ في الفتح المبين (٤٩٩).
(٢) هذا على أحد الأقوال، وهو مرويٌّ عن جرير بن حازمٍ، قال الحافظ: (والظَّاهر أنَّ جريرًا أراد المدينة)، وقال بهذا ابن المدينيّ والواقديّ وغيرهما، قال العراقيّ: وهو قولٌ ضعيفٌ؛ لأنَّ السّائبَ مات بالمدينة بلا خلاف، وقد تأخر بعده. انظر: الإصابة (١/ ٨٥).
(٣) ما بين معقوفتين زيادةٌ من (ب).
(٤) هذا تأويل لصفة المحبة لله تعالى؛ بحجة أنَّ المحبَّة ميلٌ طبيعيٌّ وهو محالٌ في حقه، لكن هذا تعريف لمحبة المخلوق لا محبة الخالق، ومن قاس هذا على هذا فقد خالف الصواب، وجانَب طريق السنة والكتاب، إذ المحبة من صفات الله عز وجل العظيمة، وذكر شيخ الإسلام أنّ أول من أنكر صفة المحبة هو الجعد بن درهم لما قال: إنّ الله لم يتّخذ إبراهيم خليلًا، ثم قال: (والذي دلَّ عليه الكتاب والسُّنَّة، واتفق عليه سلف الأمة وأئمتها ومشايخ الطريق: أن الله يُحِبّ ويُحَبّ؛ ولهذا وافقهم على ذلك من تصوّف من أهل الكلام، كأبي القاسمِ القُشَيريِّ وأبي حامد الغزاليِّ وأمثالهما). الزُّهد والورع والعبادة (١٣٠) وانظر: مدارج السالكين (١/ ٢٦٨). وسيأتي بعد قليلٍ ذكر الشارح أنَّ لهم -معاشر الأشاعرة- في تأويل صفة المحبة قولين: قولٌ يفسِّرها بالإرادة فقط، وقولٌ يفسِّرها بالرِّضا مع الإرادة.

<<  <   >  >>