للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الحديث الخامس والثلاثون]

(عن أبي هريرة قال صلَّى الله عليه وسلَّم: لا تحاسدوا) خطابٌ لكلّ من يتأتَّى توجيْهُ (١) الخطاب إليه، أي: لا يحْسُدْ بعضكم بعضًا؛ فإنَّ الحَسَدَ حرامٌ شديدُ التَّحريمِ، وأصله: (تتحاسدوا)، حُذِفتْ (٢) إحدى التاءين تخفيفًا (٣).

وقد تطابقتِ المللُ، وتوافقَتِ النِّحلُ على ذمِّ الحسد وقُبحِه، وهو كما قال / [١٣١/أ] الحَرالِّي: قلق النفس من رؤية النِّعمة على الغير (٤)، وقال غيره: تمنِّي زوالِ نعمة المحسود (٥)، وزاد الشارح الهيتميُّ: وعودِها إليك (٦) (٧)، وهي زيادةٌ مُضِرَّة، كيف وقضيته: أنَّه لو تمنَّى زوالَ نعمة الغيرِ (٨) ولم يتَمَنَّ مع ذلك انتقالها إليه لا يكون مذمومًا، وهو باطلٌ، فلو اقتصر على ما ذكروه كان صوابًا.


(١) في (ب): توجُّه.
(٢) في الأصل: (وأحذفت).
(٣) وهذا الحذف لإحدى التاءين كثيرٌ في القرآن، منه قول الله: {تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ} أي: تتنزَّل، وعلَّة الحذف: لأنَّه لما اجتمع المثلان ثقُل عليهم اجتماع المثلين، ولم يكن سبيلٌ إلى الادغام، فحذفوا إحدى التَّاءين جوازًا, انظر: شرح المفصَّل لابن يعيش (٥/ ٥٥٨) وهل المحذوف هي التَّاء الأولى -وهي تاء المضارعة-، كما يقول بعض الكوفيين، أو التاء الثانية كما هو مذهب سيبويه والبصريين؟ فيها خلافٌ تجده في الكتب المطوَّلة، انظر: الكتاب لسيبويه (٤/ ٤٧٦)، وشرح الكتاب للسيرافي (٥/ ٤٤٩)، وشرح الأُشموني على الألفيَّة (٤/ ١٦٠).
(٤) ورد في نظم الدرر للبِقاعي (٢/ ١٠٤) دون نسبةٍ إلى الحرَّاليِّ, وهو مغرمٌ بالنقل عن الحرَّاليِّ, فقد نقل عنه في (نظم الدرر) باسمه أكثر من ثمان مئةِ موضعٍ.
(٥) انظر: إكمال المعلم (٣/ ١٨٥)، والإفصاح عن معاني الصحاح (٢/ ٤٤)، شرح النووي على مسلم (٦/ ٩٧).
(٦) في (ب): إليه.
(٧) الفتح المبين (٥٥١).
(٨) في (ب): (لو تمنَّى زوال نعمة المحسود الغير).

<<  <   >  >>