للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإنَّما كان قبيحًا؛ لأنَّه اعتراضٌ على الله ومعانَدَةٌ له ومحاولةٌ لنقضِ ما فعله الحكيمُ -تعالى-، وإزالةُ فضله عنْ مَن أهلٌ له (١) {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} (٢).

وفيه قال بعضهم (٣):

ألا قُلْ لمنْ بَاتَ لِيْ حاسدًا ... أتدريْ على مَنْ أَسَأْتَ الأدَبْ؟

أسَأْتَ على اللهِ في فِعلِهِ ... لأنَّكَ لَمْ تَرْضَ لِيْ مَا وَهَبْ

وقال المتنبي (٤):

وأظلمُ أهل الظلم من بات حاسدًا ... لمن بات في نعمائه يتقلَّب (٥)

ووجه ظلم الحاسد: أنَّه يلزمه أن يحبَّ لمحسوده ما يحب لنفسه، وهو لا يحبُّ لنفسه زوال النعمة، فقد أسقط حقَّ محسوده عليه، ومن ثَمَّ جاءَ في عدَّة أخبارٍ وآثارٍ: «أنَّه يأكل


(١) كذا في النسختين, ولعل الصواب: (عن من هو أهلٌ له).
(٢) النساء: (٥٤).
(٣) وهو المعافى بن زكريا النهرواني الجريري المعروف بابن طرارا, قال الخطيب البغدادي: ) وكان من أعلم الناس في وقته بالفقه، والنحو، واللغة، وأصناف الأدب). توفِّي سنة (٣٩٠ هـ) , انظر: تاريخ بغداد (١٥/ ٣٠٨) , ومعجم الأدباء للحموي (٦/ ٢٧٠٤) , وفيهما البيتان, بل زاد الأوَّل ثالثًا.
(٤) هو أبو الطَّيِّب أحمدُ بن الحسين بن عِيدان -بكسر المهملة- السقا المتنبِّي - بتاء معجمة باثنتين فوقها، ثم نون ثم باء معجمة بواحدة - كما في الإكمال لابن ماكولا (٧/ ٢٣٨)، الشاعر المشهور، نشأ بالشام، وأقام بالبادية، وطلب الأدب وعلم العربية، ونظر في أيام الناس، وتعاطى قول الشعر في حداثته، حتى بلغ فيه الغاية، وأنهى فيه النهاية، وفاق فيه أهل عصره. توفّي سنة (٣٥٤ هـ) , انظر: نزهة الألباء في طبقات الأدباء لابن الأنباري (ص: ٢١٩)، وفيات الأعيان (١/ ١٢١).
(٥) الأمثال السائرة من شعر ابن المتنبي للصاحب ابن عبَّاد (ص ٦٣).

<<  <   >  >>