للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والخِذْلان: تركُ الإعانةِ والنُّصرةِ، ذكره الطيبيُّ (١)، وقال غيره (٢): هو الخذل، وهو أن يتركَ نصرته المشروعة عند القدرةِ سِيَّما عند الحاجة، فالخذلان حرامٌ: دُنيويًّا كأنْ يَرى عدُوًّا يريد البطش به فلا يدفعه، أو دينيًّا كأنْ يقدر على نصحه فيتركه.

وزاد في روايةٍ: (ولا يُسْلِمُهُ) (٣) وهو بِضمِّ ياء المضارعة (٤) وسكون السين من: أسلم فلانٌ فلانًا، إذا ألقاه في التَّهلُكة ولم يَحْمِهِ مِنْ عَدُوِّه، واللَّفظ - وإنْ كان عامًّا- لكن دخله التَّخصيصُ في مثل هذا الحديث، وغلب عليه الإلقاءُ إلى الهلكة (٥).

وفي روايةٍ أخرى: «ولا يَخُونُه» (٦).


(١) الكاشف عن حقائق السنن (١٠/ ٣١٧٨). وذكره العراقي أيضًا في المصدر السابق.
(٢) مثل هذه العبارة لابن علَّان في دليل الفالحين (٣/ ٢٠).
(٣) لكن هذه الزِّيادة من حديث ابن عُمر، لا من حديث أبي هريرة رضي الله عنهما، أخرجه البخاريُّ (٢٤٤٢) ومسلمٌ (٢٥٨٠) عنْ سالمٍ عن أبيه عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يُسلِمه، من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرَّج عن مسلم كربةً فرَّج الله عنه بها كربةً من كرب يوم القيامة، ومن ستر مسلمًا ستره الله يوم القيامة».
(٤) لأنَّه من فعل (أسلم) الرباعيِّ، والقاعدة: أنَّ الفعل الماضيَ الرباعيَّ يضمُّ أوَّله في مضارعه مطلقًا، مثل: يُكرم، ويُدحرج، بخلاف الثلاثيّ (يَنصر) والخماسيّ (يَنطلق) والسداسيّ (يَستخرج)، فتفتح أوائلها مطلقًا. انظر: فتح الأقفال وحلّ الإشكال في شرح لاميَّة الأفعال لبحرق (٢٠٦).
(٥) هذه العبارة للحافظ العراقيّ في المصدر السابق، ولعلَّ كلامَه أوضح من كلام الشارح فقد قال: (والَّلفظ -وإن كان عامًّا في كلِّ من أسلمته إلى شيءٍ، كقولك: أسلمت الثمن للبائع، وأسلمت الصبيَّ للمعلِّم، ونحو ذلك لكنَّه دخله التخصيص في مثل هذا الحديث). وانظر: فتح الباري (٥/ ٩٧).
(٦) هذا اللَّفظ -واللفظ الآتي: «لا يكذبه» - ليسا في صحيح مسلمٍ، بل ليسا في النسخ المحقَّقة من كتاب الأربعين -التي وقفت عليها-، لكن هما في سنن الترمذي، في أبواب البرِّ والصلة، باب ما جاء في شفقة المسلم على المسلم (٣/ ٣٨٩، ح ١٩٢٧) بلفظ: «المسلم أخو المسلم، لا يخونه ولا يَكذِبه ولا يخذُله». وقال الترمذيّ: (حسنٌ غريبٌ).

<<  <   >  >>