في يده، فأصغى الشيخ إليه إصغاء أذهله عن حتفه الذي بحث عنه، ثم حضر القاضي القسطلى عند السيد الملقب بأبي الأمان، وقد لاحت عليه دلائل الخذلان؛ فقال: يا سيدي! هذا الرجل الذي كان في الصخور ما زال خديمكم، فكتبنا له نرغبه في الطاعة ونعده بما يكون له من الخير في إثر ذلك، حتى أذعن، وها هو قد وصل ليقبل به كم الكريمة، وسيدنا يرتب له ولأصحابه ما يكفهم عن الثيارة، ويرجى أن ينتفع بهم في قطع الفساد، عن جهات هذه البلاد! فابتهج السيد، وأنفذ إليه بالمبادرة، فلم يمر إلا القليل حتى دخل ابن هود وأصحابه مرسية في السلاح، فبعد ما مالوا لتقبيل يده قبضوا عليه، ثم حبسوه وأجلسوا ابن هود في مكانه. وخطب في أول جمعة للمستنصر العباسي، ثم لنفسه بالمتوكل على الله أمير المؤمنين؛ وعندما وصل الخبر بذلك إلى أبي العلى، وكان عزم على جواز البحر، تمثل كامل:
إن الطبيب إذا تعارض عنده ... مرضان مختلفان داوى الأخطرا
وصرف وجهه إلى مرسية؛ ففي أول منزلة نزل بها، قام الأستاذا أبو على الشلوبين فابتده، فخطب وقال: ثلمك الله ونثرك يريد: سلمك ونصرك. وكان يرد السين والصاد ثاء. وقام بعده أبو الحسن بن أبي الفضل، فأنشده قصيدةً أولها " خفيف ":