بالأندلس من كور باجة المختلطة بها، وهي مدينة الاشبونة، والأشبونة بغربي باجة، وهي مدينة قديمة على سيف البحر تنكسر أمواجه في سورها، واسمها قودية، وسورها رائق البنيان، بديع الشأن، وبابها الغربي قد عقدت عليه حنايا فوق حنايا على عمدٍ من رخام مثبتةٍ على حجارة من رخام وهو أكبر أبوابها، ولها باب غربي أيضاً يعرف بباب الخوخة مشرف على سرح فسيح يشقه جدولا ماء يصبان في البحر، ولها باب قبلي يسمى باب البحر تدخل أمواج البحر فيه عند مده وترتفع في سوره ثلاث قيم، وباب شرقي يعرف بباب الحمة، والحمة على مقربةٍ منه ومن البحر ديماس ماءٍ حارٍ وماءٍ باردٍ، فإذا مد البحر واراهما؛ وباب شرقي أيضاً يعرف بباب المقبرة.
والمدينة في ذاتها حسنة ممتدة مع النهر، لها سور وقصبة منيعة؛ والأشبونة على نحر البحر المظلم؛ وعلى ضفة البحر من جنوبه قبالة مدينة الأشبونة حصن المعدن؛ ويسمى بذلك لأن عند هيجان البحر يقذف بالذهب التبر هناك؛ فإذا كان الشتاء قصد إلى هذا الحصن أهل تلك البلاد فيخدمون المعدن الذي به إلى انقضاء الشتاء، وهو من عجائب الأرض.
ومن مدينة الأشبونة كان خروج المغرورين في ركوب بحر الظلمات ليعرفوا ما فيه وإلى أين انتهاؤه، ولهم بأشبونة موضع بقرب الحمة منسوب إليهم يعرف