للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ما تأتيه عيونه بمثل ذلك، فغدوا عليه بمجلس نظره، وكانت أسماء جميعهم متفقةً في الوزن على مثال فعلون، فأخذوا مواضعهم، وقام الذين يشهدون له؛ فلما رأى القاضي أسماءهم قال رافعاً صوته: يا ابن صيفون، ويا ابن زيدون، ويا ابن سحنون، من الربض الملعون، ألقوا ما أنتم ملقون! فلما سمعوا قوله لاذوا عن الشهادة، وخرجوا متسللين؛ فكفى شأنهم.

وكان نظاراً لا يقنع بالتقليد؛ ومن قوله في استقصار هذه الفرقة طويل:

عذيرى من قومٍ إذا ما سألتهم ... دليلاً يقولوا هكذا قال مالك

فإن زدت قالوا قال سحنون مثله ... وقد كان لا تخفى عليه المسالك

فإن قتلت قال الله ضجوا وأعولوا ... على وقالوا أنت خصم مماحك

ونوادره كثيره.

[الترجمة في حرف الفاء]

بالأندلس، بينه وبين قرطبة مرحلتان أو ثلاث، ومن هذا الفحص جبل البرانس وفيه معدن الزئبق، ومن هناك يحمل إلى الآفاق؛ وبهذا الجبل الزيتون المتناهى في الجودة؛ وبموضع بقرب من معدن الزئبق جبل يعرف بجبل المعز، في شعراء هنالك حجر يسمى حجر العابد، في وسطه قلة، وهي حفرة على قدر الصحفة بمقدار ما يدخل الإنسان فيها يديه، ويملؤهما من ماء هناك، فيشرب أو يصنع به ما احتاج إليه، فيأتي إيه البقر الكثير فيكفيهم، ويرجع إلى حجه لا يغيض ولا يغور؛ وذكر من رآه أنه جاءه في نيفٍ وثلاثين رجلاً أو نحو ذلك، وهذا معروف هناك.

<<  <   >  >>