ففض الأقفال عنه، ودخل، فأصابه فارغاً لا شيء فيه إلا تابوتاً عليه قفل، فأمر بفتحه فألفاه أيضاً فارغاً ليس فيه إلا شقة مدرجة صورت فيها العرب، عليهم العمائم وتحتهم الخيل العراب، متقلدى السيوف، متنكبى القسى، رافعي الرايات على الرماح، وفي أعلاها أسطر مكتوبة بالعجمية فقرئت فإذا فيها: إذ كسرت الأقفال عن هذا البيت، وفتح هذا التابوت، وظهر ما فيه من هذه الصور، فإن هذه الأمة المصورة في هذه الشقة تدخل الأندلس فتغلب عليها وتملكها! فوجم لذريق وندم على ما فعل، وعظم غمه وغم العجم بذلك، وأمر برد الأقفال، وإقرار الحراس، وأخذ في تدبير ملكه، وذهل عما أنذر به، إلى أن كان من أمر يليان عامل لذريق على سبتة وأمر ابنته في الخبر المشهور ما سبب إثارة عزمه على إدخاله العرب إلى الأندلس، إلى أن كان ذلك وسبب الل فتحها بسبب ذلك، وما بعد ذلك يذكر في غير هذا المكان.
ووجد أهل الإسلام فيها ذخائر عند افتتاح الأندلس، كادت تفوق الوصف كثرةً؛ فمنها مائة وسبعون تاجاً مرصعة بالدر، وأصناف الحجارة الثمينة، ووجد فيها ألف سيف مجوهر ملوكى، ووجد بها من الدر والياقوت أكيالاً وأوساقاً، ومن آنية الذهب والفضة وأنواعها مالا يحيط به وصف، ووجد بها مائدة سليمان بن داوود، وكانت فيما يذكر من زمردة، وهذه المائدة اليوم في مدينة رومية.
وزعم رواة العجم أنها لم تكن لسليمان، وإنما أصلها أن العجم، في أيام ملكهم، كان أهل الحسبة في دينهم، إذا مات أحدهم أوصى بمالٍ للكنائس، فإذا اجتمع عندهم ذلك