وإليها ينسب أبو العباس الينشتى صاحب سبتة، كان قيامه فيها سنتة ٦٣٠، ويلقب بالموفق وكان أمره بها مستقيماً براً وبحراً، يخاف ويمدح ويقصد ويخاطبه الملوك من البلاد إلى أن غتر ب " ... " بن مسعود الكومى من جهة الزهد واطراح الدنيا، فكان إذا ورد سبتة يكرمه " ويغزله " والسماع ويتبرك به، ويستريح إليه، وهو في أثناء ذلك يعلم القلوب المائلة إليه، والقلوب المتغيرة عليه، ويتأمل الأماكن التي يدخل منها إلى إفساد دولته وإعادتها إلى بني عبد المؤمن، حتى اطلع من ذلك على المطلب، وظفر بالغرض، ولم يشعره الينشتى المغتر بزهده حتى نثر عليه سلكه، وابتز منه ملكه؛ فصبحه بمثل راغية البكر، وجاء مع جيش من قبل الملك الرشيد عبد الواحد، فخرج جنده القليل ورجاله وعامة أهل سبتة فحمل عليهم الجيش حملةً فقد فيها من السبتيين نحو ستمائة، وتخاذل الباقون فهلك عليه الأهل والولد ما وثب عليه الينشتى، وكان له ولدان فاختفى الأكبر محمد فكان خلوصه إلى البحر، ثم حبسه بجاية، ثم وصوله بالإسكندرية ولحوقه باليمن وموت أبيه فيقال إن وباء جارفاً كان بحضرة مراكش أهلك الجميع من الغرباء؛ وقيل إنه والولد هلكا بشربة لبن؛ واستمرت بسبتة دولة الرشيد عبد الواحد إلى آخر أيامه.
وكان أبو العباس هذا سلك الأدباء وهو يقول وقد رآه على فرسٍ عتيقٍ وعليه ثياب ملوكية وتكنفته الرجال بالرماح وبجانبيه الحجاب: ذا العار بن العابر يريد أن يحكى بني عبد المؤمن! فمازال العار من