يسمى قارله قومس مع ملكٍ يقال له ردبيرت، وذلك في عهد الإمام عبد الله، فحشد له قارله، وزحف بعضهما على بعضٍ فقتله قارله، وأسر أصحاب ردبيرت قارله فمكث عندهم أسيراً أربعة أعوامٍ ثم هلك بأيديهم، فافترق ملكهم واقتسم؛ والإفرنجة من ولد يافت هم والجلالقة والصقالبة واللواكبرد، والإشبان والترك والخزر وبرجان وآلان ويأجوج ومأجوج؛ والإفرنجة تدين بدين النصرانية، وبرأي الملكية منهم ودار ملكهم آلان لوذون وهي مدينة عظيمة، ولهم من المدائن نحو من خمسين ومائة مدينة، وقد كانت مملكتهم قبل ظهور الإسلام بإفريقية وجزيرة صقلية وجزيرة إقريطش؛ والإفرنجة أكثر هذه الأمة عدةً وأحسنهم انقياداً لملوكهم وأكثرهم مدداً، وأول ملوكهم قلودية، وهو أول من تنصر وكانوا مجوساً، فنصرته امرأته واسمها قلوطلد.
ويحكى أن موسى بن نصير لما غزا الأندلس أراد أن يخرق ما بقى عليه من بلاد إفرنجة، وفتح الأرض الكبيرة حتى يتصل بالناس إلى الشأم مؤملاً أن يتخذ مخترقة تلك الأرض طريقاً مهيعاً يسلكه أهل الأندلس في مسيرهم ومجيئهم من الشرق إليه على البر لا يركبون بحراً، وأنه أوغل في بلاد إفرنجة حتى انتهى إلى مفازةٍ كبيرةٍ وأرضٍ سهلةٍ ذات آثارٍ، فأصاب فيها ضمناً عظيماً قائماً كالسارية مكتوبة فيه بالنقر كتابة عربية قرئت فإذا هي: يا بني إسماعيل انتهيتم فارجعوا! فهاله ذلك وقال: ما كتب هذا إلا بمعنى! وشاور أصحابه في الإعراض عنه وجوازه إلى ما وراءه، فاختلفوا عليه، فأخذ برأي جمهورهم وانصرف بالناس وقد أشرفوا على قطع البلاد وتقصى الغاية.