غزاها على غرةٍ، وقلة عددٍ من أهلها، وعدةٍ، أهل غاليش والروذمانون، وكان عليهم رئيس يسمى ألبيطش، وكان في عسكره نحو أربعين ألف فارسٍ، فحصرها أربعين يوماً حتى افتتحها، وذلك في سنة ٤٥٦، فقتلوا عامة رجالها، وسبوا فيها من ذرارى المسلمين ونسائهم مالا يحصى كثرةً؛ ويذكر أنهم اختاروا من أبكار جوارى المسلمين وأهل الحسن منهن خمسة آلاف جارية، فأهدوهن إلى صاحب القسطنطينية، وأصابوا فيها من الأموال والأمتعة ما يعجز عن وصفه، وتخلفوا فيها من جلة رجالهم وأهل البأس منهم من وثقوا بضبطه لها، ومنعه إياها، واستوطنوها بالأهل والولد وجعلوها ثغراً من ثغورهم، ثم انصرفوا عنها.
وفي ذلك يقول الفقيه الزاهد ابن العسال من قصيدة كامل:
ولقد رمانا المشركون بأسهمٍ ... لم تخط لكن شأنها الصماء
هتكوا بخيلهم قصور حريمها ... لم يبق لا جبل ولا بطحاء
جاسوا خلال ديارهم فلهم بها ... في كل يومٍ غارة شعراء
باتت قلوب المسلمين برعبهم ... فحماتنا في حربهم جبناء
كم موضع غنموه لم يرحم به ... طفل ولا شيخ ولا عذراء
ولكم رضيع فرقوا من أمه ... فله إليها ضجة وبغاء
ولرب مولودٍ أبوه مجدل ... فوق التراب وفرشه البيداء
ومصونةٍ في خدرها محجوبةٍ ... قد أبرزوها ما لها استخفاء