فنزل على ضيفه بها وليس له هم إلا امرأته، فحكم ذلك التعشق بينهما، واتفق معها على أن تعمل الحيلة في الهروب إليه من بلدها، فيزوجها من نفسه؛ فلما وصل إلى برشلونة أرسل إليها قوماً من اليهود في ذلك، ودخل صاحب طرطوشة في الأمر فأوصلهم في الشوانى إلى نربونة، فلم تتوجه لليهود الحيلة في أمرها، وأحسن زوجها ببعض شأنها، وكان بها كلفاً فثقفها، فكان تثقيفه لها سبباً لمعونة أهلها، على مرادها، فوصلت مع قوم منهم إلى برشلونة، فنزل راى مند عن امرأته وتزوج النربونية، فلبست الأولى المسوح، وخرجت مع جماعة من أهل بيتها إلى رومة حتى أتت عظيمها وصاحب الدين بها، وهو الذي يسمونه البابه، فشكت إليه ما صنع زوجها، وأنه تركها بغير سبب، وهو أمر لا يحل في دينهم، وأنهم لا يجوز لهم فعله، وإنما حمله على ذلك عشقه لها، وشهد لها شهود قبلهم، فحرم البابه على صاحب برشلونة دخول الكنائس، وأمر أن لا يدفن له ميت، وأن يتبرأ منه جميع من يعتقد النصرانية فلما علم ذلك، علم أنه لا حيلة له معه ولا بقاء في أفقٍ يكون فيه لنصراني حكم؛ فبذل الأموال ودس مشاهير الأساقفة والقسيسين، فأوطاهم على الشخوص إلى البابه، وأن يشهدوا له أنه تقصى عن نسب المرأة التي ترك، فوجدها منه بقربى يحرمها عليه، وأن النربونية فرت من زوجها لذلك، لأنه كانت منه بنسبٍ، وكان يكرهها على المقام معه، فنفذ القوم إلى البابه، وشهدوا للقومس ما أوصاهم عليه، فقبلهم، وأباح له دخول الكنائس ودفن من مات له، وسائر ما حجر عليه.