للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

داء خاص بلادنا حين أتاها، وما زال بها حتى سجى على موتاها، وشجا ليومها الأطول كهلها وفتاها؛ وأنذر بها في القوم بحران أنيجه، يوم أثاروا أسدها المهيجه؛ فكانت تلك الحطمة طل الشؤبوب، وبا كورة البلاء المصبوب؛ اثكلتنا إخواناً أبكانا نعيهم، فالله أحوذيهم وألمعيهم؛ ذاك أبو ربيعنا، وشيخ جميعنا؛ سعد بشهادة يومه، ولم ير ما يسوءه في أهله وقومه؛ وبعد ذلك أخذ من الأم بالمخنق، وهي بلنسية ذات الحسن والبهجة والرونق؛ وما لبث أن أخرس من مسجدها لسان الأذان، وأخرج من جسدها روح الإيمان؛ فبرح الخفاء، وقيل على آثار من ذهب العفاء وانعطفت النوائب مفردةً ومركبةً كما تعطف الفاء؛ وأودت الخفة والحصافه، وذهب الجسر والرصافة؛ ومزقت الحلة والسهله، وأوحشت الجرف والرمله؛ ونزلت بالحارة وقعة الحره، وحصلت الكنيسة من جآذرها وظبائها على طول الحسره؛ فأين تلك الخمائل ونضرتها، والجداول وخضرتها؛ والأندية وأرجها، والأودية ومنعرجها؛ النواسم وهبوب مبتلها، والأصائل وشجوب معتلها؛ دار ضاحكت الشمس بحرها وبحيرتها، وأزهار ترى من أدمع الطل في أعينها ترددها وحيرتها؛ ثم زحفت كتيبة الكفر بزرقها وشقرها، حتى أحاطت بجزيرة شقرها؛ فآها لمسقط الرأس هوى نجمه، ولفادح الخطب سرى كلمه؛ وبالجنة أجرى الله تعالى النهر تحتها، وروضةٍ أجاد أبو إسحاق نعتها؛ وإنما كانت داره التي فييها دب، وعلى أوصاف محاسنها ألب، وفيها أتته منيته كما شاء وأحب؛ ولم تعدم بعده محبين قشيبهم إليها ساقوه، ودمعهم عليها أراقوه.

وله من رسالةٍ أخرى في المعنى: ثم ردف الخطاب الثاني بقاصمة المتون،

<<  <   >  >>