وجاء اليوم العسر، وأوقدت نار الحزن فلا تزال تستعر؛ حلم ما نرى؟ بل ما رأى ذا حالم، طوفان يقال عنده لا عاصم، من ينصفنا من الزمان الظالم، الله بما يلقى الفؤاد عالم؛ بالله أي نحوٍ تنحو، ومسطورٍ تثبت وتمحو؛ وقد حذف الأصلى والزائد، وذهبت الصلة والعائد؛ وباب التعجب طال، وحال البائس لا تخشى الانتقال؛ وذهبت علامة الرفع، وفقدت سلامة الجمع؛ والمعتل أعدى الصحيح، والمثلث أردى الفصيح؛ وامتنعت العجمة من الصرف، وأمنت زيادتها من الحذف؛ ومالت قواعد الملة، وصرنا إلى جمع القله؛ وللشرك صيال وتخمط، ولقرنه في شركه تخبط؛ وقد عاد الدين الى غربته، وشرق الإسلام بكربته؛ كأن لم يسمع بنصر ابن نصيرٍ، وطرق طارقٍ بكل خيرٍ؛ ونهشات حنشٍ وكيف أعيت الرقى، وأذالت بليل السليم يوم الملتقى، ولم تخبر عن المروانية وصوائفها، وفتى معافر وتعفيره للأوثان وطوائفها: لله ذلك السلف، لقد طال الأسى عليهم والأسف.
وقال في رسالةٍ أخرى: وما الذي نبغيه، وأي أمل لا نطرحه ونلغيه؛ بعد الحادثة الكبرى، والمصيبة التي كل كبدٍ لها حرى، وكل عينٍ من أجلها عبرى: لكن هو القضاء لا يرد، ولله الأمر من قبل ومن بعد.
ومما قاله في ذلك من المنظوم قوله كامل:
ما بال دمعك لا ينى مدراره ... أم ما لقلبك لا يقر قراره
أللوعةٍ بين الضلوع لظاعنٍ ... سارت ركائبه وشطت داره
أم للشباب تقاذفت أوطانه ... بعد الدنو وأخفقت أوطاره
أم للزمان أتى بخطب فادح ... من مثل حادثة خلت أعصاره