قرطاجنة إفريقية بقبلى مدينة الجزيرة، وهو اليوم خربة تزدرع، وبها حائط عريض مبنى بالحجارة داخل البحر، ومن هذا الحائط كانت تشحن المراكب، وبنى عليه محمد بن بلال برجاً.
ومدينة الجزيرة طيبة رفيقة بأهلها جامعة لفائدة البر والبحر قريبة المنافع من كل وجهٍ لأنها وسطى مدن الساحل وأقرب مدن الأندلس مجازاً إلى العدوة. ومنها تغلب ملوك الأندلس على ما تغلبوا عليه من بلاد إفريقية؛ وبها ثلاث حمامات، ولها كور كثيرة، وكانت جبايتها ثماني عشر ألفاً وتسعمائة.
وأهل الجزيرة هذه هم الذين أبوا أن يضيفوا موسى والخضر عليهما السلام، وبها أقام الخضر الجدار وخرق السفينة، والجلندى هو الذي كان يأخذ كل سفينة غصباً، حكى ذلك عن وكيع بن الجراح.
ومرسى الجزيرة مشتى مأمون، وهو أيسر المراسى للجواز، وأقربها من بر العدوة، ويحاذيه مرسى مدينة سبتة، ويقطع البحر بينهما في ثلاث مجارٍ، ويتلوه جبل طارق.
وللخضراء هذه سور حجارةٍ مفرغ بالجيار، ولها ثلاثة أبوابه، وبها دار صناعةٍ داخل المدينة؛ وعلى نهرها المسمى نهر العسل بساتين وجنات بضفتيه معاً، وبالجزيرة الخضراء إنشاء وإقلاع وحط، وأمام المدينة الجزيرة المعروفة بأم حكيم المتقدمة الذكر؛ والجزيرة الخضراء أول مدينةٍ افتتحت من الأندلس في صدر الإسلام