أو يستهزئ بمناسك الحج، ويقول: ما فائدة هذا الدوران حول هذه البَنِيَّة، وما فائدة رمي هذا الحصى، هذا لعب! وهذا الكلام منه هو عين الكفر.
فالاستهزاء بالله أو برسوله أو بالقرآن أو بشيء مما جاء به الرسول ﷺ؛ يدل على التكذيب، وإن لم يصرح بالتكذيب.
والذي يخالط الناس أو يقرأ ما يكتبون يجد من هذا شواهد كثيرة، ووسائل الإعلام مسرح وميدان للحن المنافقين: ﴿وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكْمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُون (١٤)﴾ [البقرة]، قولهم بين المؤمنين: نحن إخوانكم ونحن مؤمنون؛ هذا استهزاء بالمؤمنين ﴿اللّهُ يَسْتَهْزِاءُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُون (١٥)﴾ [البقرة]، فحذارِ حذارِ من كلمة يفوه بها الإنسان لا يلقي لها بالًا يهوي بها في النار (١)، ويكتب الله بها عليه سخطه إلى يوم يلقاه.
وتقدم أن جميع أسباب الردة ترجع إلى أنها تناقض الشهادتين، والشهادتان تقتضيان تعظيم الله ورسوله وما جاء به، والاستهزاء ضد ذلك، وذكر الشيخ الدليل على هذا الناقض قوله تعالى: ﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِؤُون (٦٥) لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَّعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِّنكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِين (٦٦)﴾ [التوبة]، وهذه الآيات جاء في سبب نزولها؛ أن رجلًا قال في غزوة تبوك في مجلس: ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء أرغب
(١) أخرج البخاري (٦٤٧٨) من حديث أبي هريرة ﵁؛ أن النبي ﷺ، قال: «إن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالًا يهوي بها في جهنم».