وقد ختم الشيخ هذه النواقض ببيان أنه لا فرق فيها بين الجاد والهازل، فمن عمل شيئًا من هذه الأمور، ولو كان غير جاد كما تقدم في الاستهزاء (١)، أو عملها خائفًا فإنه يكفر، إلا المكره؛ لقوله تعالى: ﴿مَنْ كَفَرَ بِاللّهِ مِنْ بَعْدِ إيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلَكِن مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيم (١٠٦)﴾ [النحل]؛ فمن أكره بالتهديد بالقتل، أو الضرب الموجع على أن يقول - مثلًا -: إن الرسول كذَّاب، وقال بلسانه ما يتخلص به من ذلك البلاء، وقلبه مطمئن بالإيمان؛ فليس بكافر.
والقلب لا يستطيع أحد أن يتسلط على ما فيه من اعتقاد ويكره على تركه، ولهذا جرت أحكام الدنيا على الظاهر، فالمنافق يعيش بين المسلمين منافقًا، وقلبه منطوٍ على الكفر، والمؤمن بين الكفار الذين لا يستطيع أن يتخلص من شرهم يعيش مؤمنًا بالله، وهو في ظاهره كافر؛ لأنه في بعض بلاد الكفر لا يسمحون لأحد من المؤمنين بإظهار الإسلام، كما فعلت الشيوعية، فكان من يحمل المصحف، أو يظهر الإسلام، مصيره إلى الشنق، أو الإحراق.
وقوله:«وكلها من أعظم ما يكون خطرًا ومن أكثر ما يكون وقوعًا».
تأمل هذا في الواقع! فما أكثر الشرك بالله الواقع بين الناس؛ كعبادة القبور وغيرها، والسحر ما أكثره فيما بين الناس في سائر البلاد الإسلامية، وما أكثر المستهزئين بالله وآياته ورسوله، وما أكثر المعرضين