الثاني: من جعل بينه وبين الله وسائط يدعوهم ويسألهم الشفاعة ويتوكل عليهم؛ كفر إجماعًا.
وهذا في الحقيقة هو نوع من الشرك، فهو عند التحرير داخل في الأول، فالذي يدعو الموتى والغائبين، ويستغيث بهم في الرخاء والشدة ويتوكل عليهم في حوائجه، أو في نصره على الأعداء، أو في مغفرة ذنوبه، أو في نجاته من النار، أو في شفاء مريضه، أو في نجاته من كربته؛ زاعمًا أنه يفعل ذلك طلبًا لشفاعتهم، فإن هذا هو ما كان عليه المشركون؛ كما قال ﷾: ﴿وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاء شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللّهِ﴾ [يونس: ١٨]، وقال ﷾: ﴿مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى﴾ [الزمر: ٣]؛ فهم إما أن يعبدوا الصالحين مباشرة، أو ما ينصبونه من تماثيل ترمز إليهم.
فمن تقرب إليهم معتقدًا أنهم ينفعون أو يضرون، وأنهم يدبرون هذا العالم ويتصرفون في هذا الوجود؛ فقد جمع بين نوعي الشرك في الربوبية والإلهية.
الشرك في الربوبية باعتقاد أنهم يدبرون أمر هذا العالم، وأنهم يملكون النصر على الأعداء، ومغفرة الذنوب، والنجاة من النار، وترتب