للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أسلم فيها ناس لا محالة وأسلم أشرافهم وأسلم عمرو بن الجموح وكسرت أصنامهم فكان المسلمون أعز أهلها وصلح أمرهم ورجع مصعب بن عمير إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكان يدعى المقرئ (١).

ثم خرج مصعب بن عمير - رضي الله عنه - من المدينة مع السبعين الذين وافوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في العقبة الثانية مِن حَاجِّ الأوس والخزرج , ورافق أسعد بن زرارة في سفره ذلك, فقدم مكة فجاء منزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أولاً ولم يقْرَب منزله, فجعل يخبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الأنصار وسرعتهم إلى الإسلام واستبْطَأَهُم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ,فسُرَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بكل ما أخبره. وبلغ أمه أنه قد قَدِمَ - رضي الله عنه - فأرسلت إليه: يا عاق , أتقدم بلدا أنا فيه لا تبدأ بي؟ فقال: ما كنت لأبدأَ بأحدٍ قبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. ثم ذهب إلى أمه فقالت: إنك لعلى ما أنت عليه من الصَّبْأَةِ بعدُ! (٢) قال: أنا على دين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو الإسلام الذي رضي الله لنفسه ولرسوله. قالت: ما شكَرْتَ ما رَثَيْتُكَ (٣) , مرة بأرض الحبشة ومرة بيثرب , فقال: أفرُّ بديني إن تفتنوني. فأرادت حبسه, فقال: لئن أنتِ حبستَنِي لأحرصن على قتل من يتعرض لي , قالت: فاذهب لشأنك , وجعلت تبكي , فقال مصعب - رضي الله عنه -: يا أماه إني لكِ ناصحٌ عليك شفيقٌ , فاشهدي أنه لا إله إلا الله وأن محمدًا عبده ورسوله , قالت: والثوَاقِبِ (٤) لا أدخل في دينك فيُزرى برأيي , ويضعَّفَ عقلي, ولكني أدعُكَ وما


(١) الهيثمي: مجمع الزوائد ومنبع الفوائد ,مكتبة القدسي , القاهرة , د. ط , ١٤١٤هـ , باب ابتداء أمر الأنصار ... , ٦/ ٤١ , رقم ٩٨٧٦ , رواه الطبراني مرسل وفيه ابن لهيعة وفيه ضعف وهو حسن الحديث، وبقية رجاله ثقات. الطبراني: المعجم الكبير , مكتبة ابن تيمية , القاهرة , ط٢ , ١٣٩٧هـ , ٢٠/ ٣٦٢ , رقم ٨٤٩.
(٢) الصبأة: الخارج من دين إلى آخر. السبتي ,عياض بن موسى: مشارق الأنوار على صحاح الآثار , دار الكتب العلمية , بيروت , ط١ , ١٤٢٣هـ , ٢/ ٦٥.
(٣) من رَثَى لَهُ إذا رَقّ وتَوَجَّعَ. ابن منظور: مصدر سابق , ١٤/ ٣٠٩.
(٤) الشهب المضيئة. الرازي: مختار الصحاح , المكتبة العصرية , بيروت , ط٥ , ١٤٢٠هـ , ص٤٩.

<<  <   >  >>