للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولقد كان مصعب بن عمير - رضي الله عنه - فطناً ذكياً , ففي حواره مع أمه رأى أنه لا بد من التلميح في كلامه؛ نظراً لما يقضيه ذلك الحال , فقد جاء إليها وتطاولت عليه وأرادت صده عن الدين فأبى , " فأرادت حبسه, فقال: لئن أنتِ حبستَنِي لأحرصن على قتل من يتعرض لي , قالت: فاذهب لشأنك , وجعلت تبكي " (١) , فقد صرح مصعب بن عمير - رضي الله عنه - بقتل من يتعرض له , وفي الوقت نفسه في ذلك تلميحٌ لأمه , بأن قد يلحقها أذى؛ لأنه يصعب التصريح بأذية الأم , وإن كانت كافرة.

سابعاً: البعد عن التعميم:

" إن التعصب الأعمى , والغلو البعيد عن الإنصاف , يدفعان بعض الناس إلى إصدار الأحكام العامة المطلقة على الخصم دون تمييز بين حالة وحالة أو شخص وآخر " (٢) , فإن آفة بعض المتحاورين أن يعمم الخطأ على مذهب بعينه , أو قبيلة بعينها؛ بسبب خطأ من يحاوره , فيجب أن يكون المحاور منصفاً؛ لأن التعميم لا يصلح أن يكون معياراً عاماً لكل الناس (٣).

لذلك كان مصعب بن عمير - رضي الله عنه - في حواره مع أمه , ورغم محاولاته الجادة في إسلامها إلا أنها أبت , بل أرادت حبسه والتضييق عليه , فقال - رضي الله عنه -:


(١) ابن سعد: مصدر سابق , ٣/ ٨٨.
(٢) عاشور , سعد عبدالله: مصدر سابق, ص ١٠١.
(٣) يالجن , مقداد: علم الأخلاق الإسلامية , دار عالم الكتب , الرياض ,ط٢ , ١٤٢٤هـ , ص ٢٩٦.

<<  <   >  >>