للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أما مصعب بن عمير - رضي الله عنه - فقد أنصت لكلام أسيد بن حضير - رضي الله عنه - وهو واقفٌ عليه ومتشتماً , بل ويبدو أنه رافعٌ لصوته , فما قابل ذلك مصعبٌ - رضي الله عنه - إلا بحسن استماع وإنصات , وعندما انتهى أسيدٌ - رضي الله عنه - من كلامه , قال له مصعب - رضي الله عنه -: "أو تجلس فتسمع " (١) , فكأن لسان حاله يقول: فكما أني سمعت كلامك بإنصات فاسمع مني بإنصات كذلك. ومن خبر أمه - رضي الله عنه - كان في حسن استماع لها , مع أنها كانت تظهر له الكيد والعداوة , بل وأرادت التحريض عليه من قبل قومها لتعذيبه (٢) , ومع هذا ما زال في حواره معها بحسن إنصات واستماع؛ لعلها تقتنع بكلامه فتدخل الإسلام.

سابعاً: الجرأة والغضب لنصرة الحق:

كما أن المحاور لا بد له من الحلم والصبر وعدم الغضب لنفسه , فهو كذلك لا بد أن تكون عنده جرأة في الحق والغضب له , فعندما يتجاوز المحاور المقابل حدوده ويتطاول على الدين , كأن يعتدي " على أصل من أصول الدين , أو يطعن في شيء من معالمه , أو ينال من حملته من الأنبياء أو الصحابة أو العلماء السائرين على نهجهم ... فإنه يجدر بالمحاور عندئذ أن يتجرأ في نصرة الحق , ويغضب لانتهاك محارم الله " (٣) , وهذا كله يُعد من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر , والذي أمر به النبي - صلى الله عليه وسلم - , فعن حذيفة بن اليمان - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:


(١) ابن هشام: مصدر سابق , ١/ ٤٣٥.
(٢) ابن سعد: مصدر سابق , ٣/ ٨٨.
(٣) زمزمي , يحيى بن محمد: مصدر سابق , ص٢٦٩.

<<  <   >  >>