للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بالدين الإسلامي , ولكن أراد أن يبين مدى تمسكه بالعدل ليرضى سعد بن معاذ - رضي الله عنه - , مع حرصه الشديد على إقناعه بما جاء به.

رابعاً: الحلم والصبر:

إن المتحاور سيلقى أفكاراً وآراء تخالف ما يسمو إلى تحقيقه في ذلك الحوار , ولربما واجه شيئاً من التصرفات المشينة؛ لذلك يكون سلاحه في مثل هذا المقام الحلم والصبر , فالصبر ثمرة الحلم وموجبه، فعلى قدر حلم العبد يكون صبره (١) , ومن لوازم الصبر والحلم على المتحاور عدم رفع الصوت , وكظم الغيظ , ومقابلة الإساءة بالإحسان , فقد قال سبحانه وتعالى: {وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (١٣٤)} (٢) , وقد حث - صلى الله عليه وسلم - على الصبر والحلم , وعدم إنفاذ رغبات النفس ووساوس الشيطان , فعن أبي هريرة - رضي الله عنه -، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب» (٣).

ولقد كان مصعب بن عمير - رضي الله عنه - حليماً صبوراً , فعندما أقبل عليه أسيد بن حضير - رضي الله عنه - وقف عليه متشتماً وزاجراً له , وهدده وأمره باعتزال المكان , وما كان من مصعب - رضي الله عنه - إلا أن تلطف معه وأشار إليه بالجلوس ليسمع منه (٤) , فما زجره وما انتقم لنفسه ولم يقابله بالمثل , بل أحسن إليه بالكلام الليّن , والمعاملة


(١) التويجري , محمد بن إبراهيم: موسوعة فقه القلوب , بيت الأفكار الدولية , الأردن , د. ط , ١٤٢٨هـ , ٢/ ١٩٥١.
(٢) سورة آل عمران: آية (١٣٤).
(٣) البخاري: مصدر سابق , كتاب الأدب , باب الحذر من الغضب , ٨/ ٢٨ , رقم ٦١١٤.
(٤) ابن هشام: مصدر سابق , ١/ ٤٣٥.

<<  <   >  >>