للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هذا الأدب النفسي؛ لذلك كرره مرةً ثانية عندما وصل أسيد بن الحضير - رضي الله عنه - فقال له " أو تجلس فتسمع " (١).

ثالثاً: الإنصاف والعدل:

يحث الدين الإسلامي على العدل والإنصاف؛ لما ينتج عن العدل من رضا وقناعة , فيصلح الحال ويستقيم , وتنعدم بذلك أمراض النفوس , من حقد وظغينة , وعداوة وبغضاء , ولو كان العدل على حساب نفسك , أو على حساب قريب أو عزيز , قال تعالى: {وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى} (٢) , أي " أن تعدلوا في القول إذا قلتم قولاً في شهادة أو حكم على أحدٍ، ولو كان المقول في حقِّه ذلك القول صاحب قرابة منكم، فالعدل واجب في الأقوال كما أنه واجب في الأفعال كالوزن والكيل ; لأنه هو الذي تصلح به شؤون الناس، فهو ركن العمران وأساس الملك وقُطْبُ رحى النظام للبشر في جميع أمورهم الاجتماعية، فلا يجوز لمؤمن أن يحابِيَ فيهِ أحداً لقرابته ولا لغير ذلك" (٣).

إن العدل والإنصاف يعطيان الحوار ثقة ومتانة بين المتحاورين , فمصعب بن عمير - رضي الله عنه - ضمن ذلك في حواره مع سعد بن معاذ - رضي الله عنه - عندما أقبل عليه فقال له:

" أو تقعد فتسمع؟ فإن رضيت أمراً ورغبت فيه قبلته , وإن كرهته عزلنا عنك ما تكره , قال سعد: أنصفت " (٤) , رغم أن مصعباً - رضي الله عنه - كان على الحق بمجيئه


(١) المصدر السابق , ١/ ٤٣٥.
(٢) سورة الأنعام: آية (١٥٢).
(٣) الحسيني , محمد رشيد: تفسير القرآن الحكيم , دار الكتب العلمية , بيروت , ط٢ , ١٤٢٦هـ , ٨/ ١٦٩.
(٤) ابن هشام: مصدر سابق , ١/ ٤٣٥.

<<  <   >  >>