للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الإسلام الذي رضي الله لنفسه ولرسوله. قالت: ما شكَرْتَ ما رَثَيْتُكَ (١) , مرة بأرض الحبشة ومرة بيثرب , فقال: أفرُّ بديني إن تفتنوني. فأرادت حبسه, فقال: لئن أنتِ حبستَنِي لأحرصن على قتل من يتعرض لي , قالت: فاذهب لشأنك , وجعلت تبكي " (٢) , فكانت الثقة والجرأة والأسلوب الحكيم سلاحاً استعمله مصعب بن عمير - رضي الله عنه - لكف الشر والخطر الذي كاد أن ينزل به.

رابعاً: توحيد الصفوف وجمع الكلمة:

لقد حثت الشريعة الإسلامية على اجتماع الكلمة , وتوحيد صفوف المسلمين , وحذرت من الفرقة وما يوصل إليها من الحسد والحقد والبغضاء ... ؛ وما ذاك إلا لخطر الفرقة , وما ينتج عنها من تناحر بين المسلمين , فتضعف قواهم وتتفشى المشاكل بينهم , مما يتيح للأعداء فرصة في الانقضاض على الأمصار الإسلامية واحدة تلو الأخرى كغنيمة باردة؛ لذلك جاء القرآن الكريم بالحث على الترابط واجتماع الكلمة , قال سبحانه: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (١٠٣)} (٣) , قال العلامة السعدي رحمه الله: " أمرهم تعالى بما يعينهم على التقوى وهو الاجتماع والاعتصام بدين الله، وكون دعوى المؤمنين واحدة مؤتلفين


(١) من رَثَى لَهُ إذا رَقّ وتَوَجَّعَ. ابن منظور: مصدر سابق , ١٤/ ٣٠٩.
(٢) ابن سعد: مصدر سابق , ٣/ ٨٨.
(٣) سورة آل عمران: آية (١٠٣).

<<  <   >  >>